responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 119
ظَاهِرِهَا؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى إكْرَاهِ الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ، فَمِنْ قَائِلٍ: يُكْرَهُ وَلَا يُقْتَلُ، وَمِنْ قَائِلٍ، يُكْرَهُ وَيُقْتَلُ.
فَإِنْ قَالُوا: خَرَجَ الْمُرْتَدُّ مِنَّا بِدَلِيلٍ آخَرَ عَنْ حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ؟ قُلْنَا لَهُمْ: وَكَذَلِكَ إنْ خَرَجَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمْ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ بِدَلِيلٍ آخَرَ عَنْ حُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا قُلْتُمْ، وَإِنَّ الْمُحْتَجِّينَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] وَبِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] فِي أَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَشَيْءٌ وَاحِدٌ: هُمْ أَوَّلُ مَنْ نَقَضَ الِاحْتِجَاجَ وَخَالَفَهُ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ أَحْكَامِ أَهْلِ الْكُفْرِ، فَكُلُّهُمْ مُجْمِعٌ مَعَنَا عَلَى: أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ مَنْ تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ، وَتُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ، وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَا يَخْلُو مَنْ أُجْبِرَ عَلَى تَرْكِ الْكُفْرِ الَّذِي خَرَجَ إلَيْهِ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى الْكُفْرِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الْإِسْلَامِ؟ فَنَعَمْ: أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِهِمَا - وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ: فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَا بُدَّ، وَلَا يُتْرَكُ يَرْجِعُ إلَى الدِّينِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الْإِسْلَامِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا؟ فَجَوَابُنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقُمْ بُرْهَانٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ إجْبَارِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلُكُمْ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: إنْ خَرَجَ مِنْ فِرْقَةٍ مِنْ النَّصَارَى إلَى فِرْقَةٍ أُخْرَى فَإِنَّنَا لَا نَعْتَرِضُ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ بَعْدُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَبَقِيَ الْآنَ الْكَلَامُ فِي احْتِجَاجِهِمْ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] فَوَجَدْنَا النَّاسَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، وَالثَّانِي: أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ.
فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، فَيَحْتَجُّ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْبَلْ مِنْ الْوَثَنِيِّينَ؟ فَيُقَالُ لَهُمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - لَمْ يَخْتَلِفْ مُسْلِمَانِ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 119
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست