responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 400
وَرُوِّينَا الْآخَرَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ وَأَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ نَاوِلِينِي الثَّوْبَ، فَقَالَتْ إنِّي حَائِضٌ، فَقَالَ: إنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» فَهُمَا دَلِيلُ أَنْ لَا يُجْتَنَبَ إلَّا الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ الْحَيْضَةُ وَحْدَهُ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ دَمُ النِّفَاسِ يَمْنَعُ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ دَمُ الْحَيْضِ حَاشَا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ]
261 - مَسْأَلَةٌ:
وَدَمُ النِّفَاسِ يَمْنَعُ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ دَمُ الْحَيْضِ. هَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ، حَاشَا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، فَإِنَّ النُّفَسَاءَ تَطُوفُ بِهِ، لِأَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ فِي الْحَائِضِ وَلَمْ يَرِدْ فِي النُّفَسَاءِ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] ثُمَّ اسْتَدْرَكْنَا فَرَأَيْنَا أَنَّ النِّفَاسَ حَيْضٌ صَحِيحٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَيْضِ فِي كُلِّ شَيْءٍ «لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ أَنُفِسْتِ؟ قَالَتْ نَعَمْ» فَسَمَّى الْحَيْضَ نِفَاسًا. وَكَذَلِكَ الْغُسْلُ مِنْهُ وَاجِبٌ بِإِجْمَاعٍ.

[مَسْأَلَةٌ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَنْ يَتَزَوَّجَا وَأَنْ يَدْخُلَا الْمَسْجِدَ وَكَذَلِكَ الْجُنُبُ]
262 - مَسْأَلَةٌ:
وَجَائِزٌ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَنْ يَتَزَوَّجَا وَأَنْ يَدْخُلَا الْمَسْجِدَ وَكَذَلِكَ الْجُنُبُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَهْيٌ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ يَبِيتُونَ فِي الْمَسْجِدِ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُمْ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ فِيهِمْ مِنْ يَحْتَلِمُ، فَمَا نُهُوا قَطُّ عَنْ ذَلِكَ.
وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ إلَّا مُجْتَازِينَ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] فَادَّعُوا أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ أَوْ غَيْرَهُ قَالَ مَعْنَاهُ لَا تَقْرَبُوا مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ زَيْدٍ، وَلَوْ صَحَّ أَنَّهُ قَالَهُ لَكَانَ خَطَأً مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لَا تَقْرَبُوا مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ فَيَلْبِسُ عَلَيْنَا فَيَقُولُ: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} [النساء: 43] وَرُوِيَ أَنَّ الْآيَةَ فِي الصَّلَاةِ نَفْسِهَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَمُرَّا فِيهِ أَصْلًا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ لَا يَمُرَّا فِيهِ، فَإِنْ اُضْطُرَّا إلَى ذَلِكَ تَيَمَّمَا ثُمَّ مَرَّا فِيهِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَفْلَتَ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 400
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست