responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 399
إلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ» .
فَكَانَ هَذَا الْخَبَرُ بِصِحَّتِهِ، وَبَيَانُ أَنَّهُ كَانَ إثْرَ نُزُولِ الْآيَةِ هُوَ الْبَيَانُ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَعَدِّيهِ، وَأَيْضًا فَقَدْ يَكُونُ الْمَحِيضُ فِي اللُّغَةِ مَوْضِعَ الْحَيْضِ وَهُوَ الْفَرْجُ، وَهَذَا فَصِيحٌ مَعْرُوفٌ، فَتَكُونُ الْآيَةُ حِينَئِذٍ مُوَافِقَةٌ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهَا: فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي مَوْضِعِ الْحَيْضِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَحَّ عَمَّنْ جَاءَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، كَمَا رُوِّينَا عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَتْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْفَرْجَ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] قَالَ: اعْتَزِلُوا نِكَاحَ فُرُوجِهِنَّ، وَهُوَ قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَمَسْرُوقٍ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَالصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ دَاوُد وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَالَ مَنْ لَا يُبَالِي بِمَا أَطْلَقَ بِهِ لِسَانَهُ: إنَّ حَدِيثَ عُمَرَ - الَّذِي لَا يَصِحُّ - نَاسِخٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ - الَّذِي لَا يَثْبُتُ غَيْرُهُ فِي مَعْنَاهُ - قَالَ: لِأَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ كَانَ مُتَّصِلًا بِنُزُولِ الْآيَةِ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا هُوَ الْكَذِبُ بِعَيْنِهِ وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَلَوْ صَحَّ حَدِيثُ عُمَرَ فَمَنْ لَهُ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ؟ وَلَعَلَّهُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِهَا، فَإِذْ ذَلِكَ مُمْكِنٌ هَكَذَا فَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ بِأَحَدِهِمَا، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ يَقِينِ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَبَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إثْرَ نُزُولِ الْآيَةِ لِظَنٍّ كَاذِبٍ فِي حَدِيثٍ لَا يَصِحُّ، مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ الثَّابِتَيْنِ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُمَا: أَحَدُهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَتْ فَقُلْتُ: إنَّنِي حَائِضٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» .

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 399
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست