responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 239
يُوجِبُ الْوُضُوءَ، قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَيَكُونَ الْقَيْءُ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إلَّا حَتَّى يَمْلَأَ الْفَمَ، ثُمَّ لَمْ يَقِيسُوا الدُّودَ الْخَارِجَ مِنْ الْجُرْحِ عَلَى الدُّودِ الْخَارِجِ مِنْ الدُّبُرِ، وَهَذَا مِنْ التَّخْلِيطِ فِي الْغَايَةِ الْقُصْوَى. فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا كُلَّ ذَلِكَ عَلَى الْغَائِطِ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ نَجَاسَةٌ قُلْنَا لَهُمْ: قَدْ وَجَدْنَا الرِّيحَ تَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ فَتَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلَيْسَتْ نَجَاسَةً، فَهَلَّا قِسْتُمْ عَلَيْهَا الْجَشْوَةَ وَالْعَطْسَةَ، لِأَنَّهَا رِيحٌ خَارِجَةٌ مِنْ الْجَوْفِ كَذَلِكَ وَلَا فَرْقَ؟ وَأَنْتُمْ قَدْ أَبْطَلْتُمْ قِيَاسَكُمْ هَذَا فَنَقَضْتُمْ الْوُضُوءَ بِقَلِيلِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَكَثِيرِهِ، وَلَمْ تَنْقُضُوا الْوُضُوءَ مِنْ الْقَيْحِ وَالْقَيْءِ وَالدَّمِ وَالْمَاءِ إلَّا بِمِقْدَارِ مِلْءِ الْفَمِ أَوْ بِمَا سَالَ أَوْ بِمَا غَلَبَ، وَهَذَا تَخْلِيطٌ وَتَرْكٌ لِلْقِيَاسِ. فَإِنْ قَالُوا: قَدْ رُوِيَ الْوُضُوءُ مِنْ الرُّعَافِ وَمِنْ كُلِّ دَمٍ سَائِلٍ عَنْ عَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَفِي الرُّعَافِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، نَعَمْ. وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَعَنْ عَطَاءٍ الْوُضُوءُ مِنْ الْقَلْسِ وَالْقَيْءِ وَالْقَيْحِ، وَعَنْ قَتَادَةَ فِي الْقَيْحِ، وَعَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فِي الْقَلْسِ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي الْقَيْءِ، قُلْنَا: نَعَمْ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ حَدَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِمِلْءِ الْفَمِ، وَلَوْ كَانَ فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خَالَفَ هَؤُلَاءِ نُظَرَاؤُهُمْ، فَصَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ أَدْخَلَ إصْبَعَهُ فِي أَنْفِهِ فَخَرَجَ فِيهَا دَمٌ فَفَتَّهُ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ عَصَرَ بَثْرَةً بِوَجْهِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فَفَتَّهُ بَيْنَ إصْبَعَيْهِ وَقَامَ فَصَلَّى، وَعَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى فِي الرُّعَافِ وُضُوءًا وَعَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى فِي الرُّعَافِ وُضُوءًا، وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى فِي الْقَلْسِ وُضُوءًا، وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى فِي الْقَلْسِ وُضُوءًا.
وَالْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَرَوْنَ الْغُسْلَ مِنْ الْمَنِيِّ إذَا خَرَجَ مِنْ الذَّكَرِ لِغَيْرِ لَذَّةٍ، وَهُوَ الْمَنِيُّ نَفْسُهُ الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيهِ الْغُسْلَ ثُمَّ يُوجِبُونَ الْوُضُوءَ مِنْ الْقَيْحِ يَخْرُجُ مِنْ الْوَجْهِ قِيَاسًا عَلَى الدَّمِ يَخْرُجُ مِنْ الْفَرْجِ وَالْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّهُمْ سَمِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَهْيِهِ عَنْ الذَّكِيَّةِ بِالسِّنِّ فَإِنَّهُ عَظْمٌ، فَرَأَوْا الذَّكَاةَ غَيْرَ جَائِزَةٍ بِكُلِّ عَظْمٍ، ثُمَّ أَتَوْا إلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي وُضُوءِ الْمُسْتَحَاضَةِ «فَإِنَّهُ عِرْقٌ» فَقَاسُوا عَلَى دَمِ الرُّعَافِ وَاللَّثَاةِ وَالْقَيْحِ فَهَذَا مِقْدَارُ عِلْمِهِمْ بِالْقِيَاسِ، وَمِقْدَارُ اتِّبَاعِهِمْ لِلْآثَارِ، وَمِقْدَارُ تَقْلِيدِهِمْ مَنْ سَلَفَ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 239
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست