اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 251
النبي صلى الله عليه وسلم قال لسلمة ابن صخر: "اذهب إلي صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها اليك" [البخاري "1936" مسلم "1111"، الترمذي "3299"] .
قوله: "ولا يغني بغنى منفقة الا الطفل مع الاب".
أقول: هذه دعوى مجردة ليس عليها دليل فان اثبات الغنى لشخص لا يملك ما يكون به غنيا لكون منفقه غنيا لا يناسب القواعد الشرعية.
وأما قوله والعبرة بحال الاخذ فصحيح لأنه اخذ ذلك وهو مصروف له وان اغناه الله عز وجل في ذلك الوقت الذي اخذ فيه الزكاة وليس مثل هذا مما يحتاج إلي التدوين لوضوحه وظهوره.
قوله: "والعامل من باشر جمعها بأمر محق".
أقول: من ثبت له الولاية على الناس بالمبايعة له منهم جاز العمل له في امور الدنيا والدين لان طاعته قد صارت واجبة بالبيعة وفي هذا من الايات القرآنية والاحاديث الصحيحة ما هو معروف ومن ذلك قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] ، وفي الحديث الصحيح [أبو دأود"4607"] : "عليكم بالطاعة وان عبدا حبشيا" الحديث.
ولا يتسع المقام لبسط ما ورد في طاعة أولى الامر والنهي عن نزع الايدي من طاعتهم ما اقاموا الصلاة الا ان يظهر منهم الكفر البواح كما صرحت بذلك الاحاديث الصحيحة.
فالعمل لمن صار واليا على المسلمين في الزكاة وغيرها صحيح بل واجب إذا طلب ذلك وان كان غير عادل في بعض الاحوال فيطاع في طاعة الله سبحانه ويعصى في معصيته كما صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" [أحمد "5/66"] .
وقال: "إنما الطاعة في المعروف" [البخاري "7257، 4340، 7145"، مسلم "1840"، أبو دأود "2625"، أحمد 1/94"، النسائي "7/109"] ، هذا ما تقتضيه الشريعة المطهرة وهو أوضح من شمس النهار وليس بيد من خالفه شيء يصلح للتمسك به.
قوله: "وله ما فرض آمره".
أقول: قد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرض لمن يعمل له في الزكاة أجرة عمله كما في الصحيحين [البخاري "7163"، مسلم "112/1045"] ، وغيرهما [أبو دأود "1647"، النسائي "5/102"، أحمد "1/52"] ، من حديث بسر بن سعيد ان ابن السعدي المالكي قال استعملني عمر على الصدقة فلما فرغت منها واديتها اليه أمر لي بعمالة فقلت انما عملت لله فقال خذ ما اعطيت فإن عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملني فقلت مثل قولك فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اعطيت شيئا من غير ان تسأل فكل وتصدق".
وظاهر هذا انه قد فرض له ما يفيض عن أكله ويمكن التصدق منه ولا يجوز له ان يأخذ الزيادة على ما فرض له الامام أو السلطان لما أخرجه أبو دأود ["2943" بإسناد رجاله ثقات عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استعملنا على عمل فرزقناه رزقا فما اخذ بعد ذلك فهو غلول"،
اسم الکتاب : السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار المؤلف : الشوكاني الجزء : 1 صفحة : 251