اسم الکتاب : الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية المؤلف : محمد صبحي حلاق الجزء : 1 صفحة : 157
فيه قربة، وللمتولي عليه أن يأكل منه بالمعروف[1]، وللواقف أن يجعل نفسه في وقفه كسائر المسلمين[2].
ومن وقف شيئًا مضارة فهو باطل [3] (*) ، ومن وضع مالًا في مسجد أو مشهد لا ينتفع به أحد جاز صرفه في أهل الحاجات ومصالح المسلمين، ومن ذلك ما يوضع في الكعبة وفي مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[4]، والوقف على القبور؛ لرفع سمكها أو تزيينها أو فعل ما يجلب على زائرها فتنةً باطلٌ[5]. [1] للحديث الذي أخرجه البخاري "5/ 354 رقم 2737" ومسلم "3/ 1255 رقم 15/ 1632" وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنه، أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستأمر فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه فما تأمر به؟ قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها". قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء في القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول". [2] للحديث الذي أخرجه النسائي "6/ 235 رقم 3608" والترمذي "5/ 627 رقم 3703" وقال: حديث حسن، والبخاري "5/ 29" معلقًا، عن عثمان بن عفان، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال: "من يشتري بئر رومة فيجعل دلعوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة". فاشتريتها من صلب مالي، وهو حديث حسن. [3] لحديث ابن عباس، انظر هامش "152". [4] للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 969 رقم 400/ 1333" عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية -أو قال: بكفر- لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحجر". فهذا يدل على جواز إنفاق مال الكعبة إذا زال المانع وهو حداثة عهد الناس بالكفر وقد زال ذلك.
وإذا كان هذا هو الحكم في الأموال التي في الكعبة فالأموال التي في غيرها من المساجد أولى بذلك بفحوى الخطاب. [5] للحديث الذي أخرجه مسلم "2/ 666 رقم 93/ 969" وغيره عن أبي الهياج الأسدي، قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا تدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا إلا سويته".
اعلم أن الوقف على القبور مفسدة ومنكر كبير، إلا أن يقف على القبر مثلًا لإصلاح ما انهدم من عمارته التي لا إشراف فيها ولا رفع ولا تزيين، فقد يكون لهذا وجه صحة، وإن كان الحر أولى من الميت. وللإمام الشوكاني رضي الله عنه كتاب بعنوان "شرح الصدور في تحريم رفع القبور" بتحقيقنا نشر: دار الهجرة بصنعاء. فانظره لزامًا.
(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة:في ط دار الهجرة - صنعاء (الطبعة الأولى - 1411 هـ - 1991 م) : ومن وقف شيئًا مضارة لوارثه كان وقفه باطلا
اسم الکتاب : الأدلة الرضية لمتن الدرر البهية في المسائل الفقهية المؤلف : محمد صبحي حلاق الجزء : 1 صفحة : 157