responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 94
فإذَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ فَلَمْ يَفِ لَهَا بِهِ، فَلَهَا الْفَسْخُ، وَلِهَذَا قَالَ الَّذِي قَضَى عَلَيْهِ عُمَرُ بِلُزُومِ الشَّرْطِ: إذًا تُطَلِّقُنَا فَلَمْ يَلْتَفِتْ عُمَرُ إلَى ذَلِكَ، وَقَالَ: مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ؛ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ فِي عَقْدٍ فَيَثْبُتُ حَقُّ الْفَسْخِ بِتَرْكِ الْوَفَاءِ بِهِ، كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ فِي الْبَيْعِ.

[فَصْلٌ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا]
فَصْلٌ: فَإِنْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَشْتَرِطَ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا» وَفِي لَفْظٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَسْأَلْ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ مَا فِي صَحْفَتِهَا وَلْتَنْكِحْ فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ. وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ فَسْخَ عَقْدِهِ، وَإِبْطَالَ حَقِّهِ وَحَقِّ امْرَأَتِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ فَسْخَ بَيْعِهِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: هُوَ شَرْطٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْعَقْدَ، وَلَهَا فِيهِ فَائِدَةٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا.
وَلَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ بَيْعَ أَمَتِهِ.

مَا يُبْطِلُ الشَّرْطَ، وَيُصِحُّ الْعَقْدَ، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا، أَوْ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا أَوْ إنْ أَصْدَقَهَا رَجَعَ عَلَيْهَا، أَوْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَأَهَا، أَوْ يَعْزِلَ عَنْهَا أَوْ يَقْسِمَ لَهَا أَقَلَّ مِنْ قَسْمِ صَاحِبَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَا يَكُونُ عِنْدَهَا فِي الْجُمُعَةِ إلَّا لَيْلَةً، أَوْ شَرَطَ لَهَا النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ، أَوْ شَرَطَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ أَوْ تُعْطِيَهُ شَيْئًا. فَهَذِهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ فِي نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا تُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حُقُوقٍ تَجِبُ بِالْعَقْدِ قَبْلَ انْعِقَادِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ أَسْقَطَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ، فَأَمَّا الْعَقْدُ فِي نَفْسِهِ فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ تَعُودُ إلَى مَعْنًى زَائِدٍ فِي الْعَقْدِ، لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ، وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ بِهِ، فَلَمْ يُبْطِلْهُ.
كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ صَدَاقًا مُحَرَّمًا؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْعِوَضِ، فَجَازَ أَنْ يَنْعَقِدَ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، كَالْعَتَاقِ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَشَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لَيْلَةً، ثُمَّ رَجَعَتْ وَقَالَتْ: لَا أَرْضَى إلَّا لَيْلَةً وَلَيْلَةً فَقَالَ: لَهَا أَنْ تَنْزِلَ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ قَالَتْ: لَا أَرْضَى إلَّا بِالْمُقَاسَمَةِ كَانَ ذَلِكَ حَقًّا لَهَا، تُطَالِبُهُ إنْ شَاءَتْ، وَنَقَلَ عَنْهُ الْأَثْرَمُ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهَا أَنْ يَأْتِيَهَا فِي الْأَيَّامِ يَجُوزُ الشَّرْطُ، فَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ، وَقَالَ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ عَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست