responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 93
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الشُّرُوطَ فِي النِّكَاحِ تَنْقَسِمُ أَقْسَامًا ثَلَاثَةً، أَحَدُهَا مَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَهُوَ مَا يَعُودُ إلَيْهَا نَفْعُهُ وَفَائِدَتُهُ، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ لَهَا أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يُسَافِرَ بِهَا، أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَلَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا، فَهَذَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ لَهَا بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ. يُرْوَى هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَطَاوُسٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَأَبْطَلَ هَذِهِ الشُّرُوطَ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: وَيَفْسُدُ الْمَهْرُ دُونَ الْعَقْدِ، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ» وَهَذَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ.
لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يَقْتَضِيهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا، أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» وَهَذَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ، وَهُوَ التَّزْوِيجُ وَالتَّسَرِّي وَالسَّفَرُ؛ وَلِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَلَا مُقْتَضَاهُ، وَلَمْ يُبْنَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ، فَكَانَ فَاسِدًا، كَمَا لَوْ شَرَطَتْ أَنْ لَا تُسَلِّمَ نَفْسَهَا.
وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَحَقَّ مَا وَفَّيْتُمْ بِهِ مِنْ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» رَوَاهُ سَعِيدٌ وَفِي لَفْظٍ: «إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهَا، مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَأَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» وَلِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا فِي عَصْرِهِمْ، فَكَانَ إجْمَاعًا. وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَشَرَطَ لَهَا دَارَهَا، ثُمَّ أَرَادَ نَقْلَهَا، فَخَاصَمُوهُ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: لَهَا شَرْطُهَا فَقَالَ الرَّجُلُ: إذًا تُطَلِّقِينَا. فَقَالَ عُمَرُ: مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ؛ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لَهَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَقْصُودٌ لَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ، فَكَانَ لَازِمًا، كَمَا لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ زِيَادَةً فِي الْمَهْرِ أَوْ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَهُوَ بَاطِلٌ» أَيْ: لَيْسَ فِي حُكْمِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ، وَهَذَا مَشْرُوعٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ وَعَلَى مَنْ ادَّعَى الْخِلَافَ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ وَعَلَى مَنْ نَفَى ذَلِكَ الدَّلِيلَ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ هَذَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ.
قُلْنَا: لَا يُحَرِّمُ حَلَالًا، وَإِنَّمَا يُثْبِتُ لِلْمَرْأَةِ خِيَارَ الْفَسْخِ إنْ لَمْ يَفِ لَهَا بِهِ. وَقَوْلُهُمْ: لَيْسَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَرْأَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَاقِدِ كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ عَقْدِهِ، كَاشْتِرَاطِ الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ يَبْطُلُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. وَشَرْطُ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست