responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 548
أَمَتِهِ، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ، ثُمَّ نَكَحَهَا، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِذَلِكَ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَصِيرُ مُولِيًا إذَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ يَمِينِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ بِحُكْمِ يَمِينِهِ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ، فَكَانَ مُولِيًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ فِي الزَّوْجِيَّةِ.
وَحُكِيَ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، أَنَّهُ إنْ مَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا. وَإِنْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ، فَوَاَللَّهِ لَا قَرَبْتُهَا. صَارَ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْيَمِينَ إلَى حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] . وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِ، وَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، فَلَمْ يَتَقَدَّمْهُ كَالطَّلَاقِ وَالْقَسَمِ، وَلِأَنَّ الْمُدَّةَ تُضْرَبُ لَهُ لِقَصْدِهِ الْإِضْرَارَ بِهَا بِيَمِينِهِ، وَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ قَبْلَ النِّكَاحِ، لَمْ يَكُنْ قَاصِدًا لِلْإِضْرَارِ، فَأَشْبَهَ الْمُمْتَنِعَ بِغَيْرِ يَمِينٍ. قَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: يَصِحُّ الظِّهَارُ قَبْلَ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ. فَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ يَصِحُّ الْإِيلَاءُ قَبْلَ النِّكَاحِ. وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.

[فَصْلٌ آلَى مِنْ الرَّجْعِيَّةِ]
(6121) فَصْلٌ: فَإِنْ آلَى مِنْ الرَّجْعِيَّةِ، صَحَّ إيلَاؤُهُ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؛ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ، أَنَّ فِيهِ رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقْطَعُ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ إذَا طَرَأَ، فَلَأَنْ يَمْنَعَ صِحَّتَهُ ابْتِدَاءً أَوْلَى. وَلَنَا، أَنَّهَا زَوْجَةٌ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، فَصَحَّ إيلَاؤُهُ مِنْهَا، كَغَيْرِ الْمُطَلَّقَةِ. وَإِذَا آلَى مِنْهَا احْتَسَبَ بِالْمُدَّةِ مِنْ حِينِ آلَى، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ. ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنْ لَا يُحْتَسَبَ عَلَيْهِ بِالْمُدَّةِ إلَّا مِنْ حِينِ رَاجَعَهَا، لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُحَرَّمَةٌ.
وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ، فَأَشْبَهَتْ الْبَائِنَ، وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ إذَا طَرَأَ قَطَعَ الْمُدَّةَ، ثُمَّ لَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُدَّةِ قَبْلَ رَجْعَتِهَا، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَأْنِفَ الْمُدَّةَ فِي الْعِدَّةِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّ مَنْ صَحَّ إيلَاؤُهُ، اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ بِالْمُدَّةِ مِنْ حِينِ إيلَائِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً، وَلِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ، فَاحْتُسِبَ عَلَيْهِ بِالْمُدَّةِ فِيهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا. وَفَارَقَ الْبَائِنَ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً، وَلَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْهَا بِحَالٍ، فَهِيَ كَسَائِرِ الْأَجْنَبِيَّات.

[فَصْلٌ مِمَّنْ يَصِحّ الْإِيلَاءُ]
(6122) فَصْلٌ: وَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ كُلِّ زَوْجَةٍ، مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّةً، حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] . وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ زَوْجَةٌ، فَصَحَّ الْإِيلَاءُ مِنْهَا كَالْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ. وَيَصِحُّ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 548
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست