responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 549
الْإِيلَاءُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. وَبِهَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ: إنَّمَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ بَعْدَ الدُّخُولِ. وَلَنَا عُمُومُ الْآيَةِ وَالْمَعْنَى، لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ جِمَاعِ زَوْجَتِهِ بِيَمِينِهِ، فَأَشْبَهَ مَا بَعْدَ الدُّخُولِ. وَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ الْمَجْنُونَةِ وَالصَّغِيرَةِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ فِي الصِّغَرِ وَالْجُنُونِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْمُطَالَبَةِ.
فَأَمَّا الرَّتْقَاءُ وَالْقَرْنَاءُ، فَلَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مُتَعَذِّرٌ دَائِمًا، فَلَمْ تَنْعَقِدْ الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ، وَتُضْرَبَ لَهُ الْمُدَّةُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ بِسَبَبِ مِنْ جِهَتِهَا، فَهِيَ كَالْمَرِيضَةِ. فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَفِيءَ فَيْئَةَ الْمَعْذُورِ؛ لِأَنَّ الْفَيْئَةَ بِالْوَطْءِ فِي حَقِّهَا مُتَعَذِّرَةٌ، فَلَا تُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، فَأَشْبَهَ الْمَجْبُوبَ.

(6123) فَصْلٌ: وَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ عَلَى الْوَطْءِ.
وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، فَلَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُمَا؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُمَا، وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ تَجِبُ بِمُخَالَفَتِهِ كَفَّارَةٌ أَوْ حَقٌّ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ مِنْهُمَا كَالنَّذْرِ. وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْ الْوَطْءِ، فَإِنْ كَانَ لِعَارِضٍ مَرْجُوٍّ زَوَالُهُ كَالْمَرَضِ وَالْحَبْسِ، صَحَّ إيلَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ، فَصَحَّ مِنْهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ كَالْجُبِّ وَالشَّلَلِ، لَمْ يَصِحَّ إيلَاؤُهُ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ مُسْتَحِيلٍ، فَلَمْ تَنْعَقِدْ، كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْلِبَ الْحِجَارَةَ ذَهَبًا، وَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ الْيَمِينُ الْمَانِعَةُ مِنْ الْوَطْءِ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُهُ يَمِينُهُ، فَإِنَّهُ مُتَعَذَّرٌ مِنْهُ، وَلَا تَضُرُّ الْمَرْأَةَ يَمِينُهُ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ الْإِيلَاءُ مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى الْعَاجِزِ بِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ وَلِلشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِمَا ذَكَرْنَا.
فَأَمَّا الْخَصِيُّ الَّذِي سُلَّتْ بَيْضَتَاهُ، أَوْ رُضَّتْ، فَيُمْكِنُ مِنْهُ الْوَطْءُ، وَيُنْزِلُ مَاءً رَقِيقًا فَيَصِحُّ إيلَاؤُهُ. وَكَذَلِكَ الْمَجْبُوبُ الَّذِي بَقِيَ مِنْ ذَكَرِهِ مَا يُمْكِنُ الْجِمَاعُ بِهِ.

[فَصْلٌ إيلَاءُ الذِّمِّيّ]
(6124) فَصْلٌ: وَيَصِحُّ إيلَاءُ الذِّمِّيِّ وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ إذَا تَقَاضَوْا إلَيْنَا. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَإِنْ أَسْلَمَ، لَمْ يَنْقَطِعْ حُكْمُ إيلَائِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ أَسْلَمَ، سَقَطَ حُكْمُ يَمِينِهِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا جَامَعَ، لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ، فَهُوَ مُولٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ عِتْقُهُ وَطَلَاقُهُ. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] . وَلِأَنَّهُ مَانِعٌ نَفْسَهُ بِالْيَمِينِ مِنْ جِمَاعِهَا، فَكَانَ مُولِيًا كَالْمُسْلِمِ، وَلِأَنَّ مَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ، صَحَّ إيلَاؤُهُ، كَالْمُسْلِمِ، وَمَنْ صَحَّتْ يَمِينُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، صَحَّ إيلَاؤُهُ كَالْمُسْلِمِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 549
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست