responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 538
بِاَللَّهِ تَعَالَى، أَوْ كَانَتْ يَمِينًا مُكَفِّرَةً، فَأَمَّا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ، فَمَنْ جَعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهِمَا غَيْرَ مُؤَثِّرٍ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَيَكُونُ مُولِيًا بِهِمَا، سَوَاءٌ اسْتَثْنَى أَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ.

[فَصْلٌ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ]
(6106) فَصْلٌ: الشَّرْطُ الثَّانِي، أَنْ يَحْلِفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَاوُسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: إذَا حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَمَا زَادَ، كَانَ مُولِيًا. وَحَكَى ذَلِكَ الْقَاضِي وَأَبُو الْحُسَيْنِ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْوَطْءِ بِالْيَمِينِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَكَانَ مُولِيًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى مَا زَادَ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَإِسْحَاقُ: مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي قَلِيلٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ أَوْ كَثِيرٍ، وَتَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَهُوَ مُولٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] . وَهَذَا مُولٍ؛ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ الْحَلِفُ، وَهَذَا حَالِفٌ
وَلَنَا أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ نَفْسَهُ مِنْ الْوَطْءِ بِالْيَمِينِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ قُبْلَتِهَا. وَالْآيَةُ حُجَّةٌ لَنَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ تَرَبُّصَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ مَا دُونَهَا، فَلَا مَعْنَى لِلتَّرَبُّصِ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ تَنْقَضِي قَبْلَ ذَلِكَ وَمَعَ انْقِضَائِهِ. وَتَقْدِيرُ التَّرَبُّصِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يَقْتَضِي كَوْنَهُ فِي مُدَّةٍ تَنَاوَلَهَا الْإِيلَاءُ، وَلِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ إنَّمَا تَكَوُّنُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ بِأَرْبَعَةِ فَمَا دُونَ، لَمْ تَصِحَّ الْمُطَالَبَةُ مِنْ غَيْرِ إيلَاءٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ بَنَوْا ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْفَيْئَةِ إنَّهَا تَكُونُ فِي مُدَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ خِلَافُهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] . فَعَقَّبَ الْفَيْءَ عَقِيبَ التَّرَبُّصِ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ، فَيَدُلُّ عَلَى تَأَخُّرِهَا عَنْهُ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْمُولِيَ مَنْ يَحْلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَبَدًا أَوْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ، أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ بِغَيْرِ حِنْثٍ، فَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا وَطِئَهَا فِي مَدِينَةٍ بِعَيْنِهَا. وَلَنَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ بَعْدَ التَّرَبُّصِ مِنْ يَمِينِهِ بِغَيْرِ حِنْثٍ، فَأَشْبَهَ الْمُطَلَّقَةَ، بِخِلَافِ الْيَمِينِ عَلَى مَدِينَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ التَّخَلُّصُ بِغَيْرِ الْحِنْثِ، وَلِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرَ مُدَّةٌ تَتَضَرَّرُ الْمَرْأَةُ بِتَأْخِيرِ الْوَطْءِ عَنْهَا، فَإِذَا حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا كَانَ مُولِيًا كَالْأَبَدِ.
وَدَلِيلُ الْوَصْفِ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَطُوفُ لَيْلَةً فِي الْمَدِينَةِ، فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ:
تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَازْوَرَّ جَانِبُهْ ... وَلَيْسَ إلَى جَنْبِي خَلِيلٌ أُلَاعِبُهْ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 538
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست