responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 537
بِجَوَابِهِ، وَلَا يَذْكُرُهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي بَابِ الْقَسَمِ، فَلَا يَكُونُ إيلَاءً، وَإِنَّمَا يُسَمَّى حَلِفًا تَجَوُّزًا، لِمُشَارَكَتِهِ الْقَسَمَ فِي الْمَعْنَى الْمَشْهُورِ فِي الْقَسَمِ، وَهُوَ الْحَثُّ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُ، أَوْ تَوْكِيدُ الْخَبَرِ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ إطْلَاقِهِ لِحَقِيقَتِهِ؛ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] . وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْغُفْرَانُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ. وَأَيْضًا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» . وَقَوْلُهُ: «إِن اللَّه يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ غَيْرَ الْقَسَمِ حَلِفٌ، لَكِنَّ الْحَلِفُ بِإِطْلَاقِهِ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْقَسَمِ، وَإِنَّمَا يُصْرَفُ إلَى غَيْرِ الْقَسَمِ بِدَلِيلٍ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْقَسَمَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ لَا يَكُونُ إيلَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً وَلَا شَيْئًا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ، فَلَا يَكُونُ إيلَاءً، كَالْخَبَرِ بِغَيْرِ الْقَسَمِ.
وَإِذَا قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا أَنْ يَحْلِفَ بِمَا يَلْزَمُهُ بِالْحِنْثِ فِيهِ حَقٌّ كَقَوْلِهِ: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ. أَوْ: فَأَنْتِ طَالِقٌ. أَوْ: فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. أَوْ: فَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. أَوْ: فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ أَوْ الْحَجُّ أَوْ صَدَقَةٌ. فَهَذَا يَكُونُ إيلَاءً؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِوَطْئِهَا حَقٌّ يَمْنَعُهُ مِنْ وَطْئِهَا خَوْفُهُ مِنْ وُجُوبِهِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ زَانِيَةٌ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ حَقٌّ، وَلَا يَصِيرُ قَاذِفًا بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَصِيرَ زَانِيَةً بِوَطْئِهِ لَهَا، كَمَا لَا تَصِيرُ زَانِيَةً بِطُلُوعِ الشَّمْسِ.
وَإِنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك، فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ هَذَا الشَّهْرِ. لَمْ يَكُنْ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ مُضِيِّهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ حَقٌّ، فَإِنَّ صَوْمُ هَذَا الشَّهْرِ لَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ مُضِيِّهِ، فَلَا يُلْزَمُ بِالنَّذْرِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك، فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ عِشْرِينَ رَكْعَةً. كَانَ مُولِيًا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَكُونُ مُولِيًا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مَالٌ، وَلَا تَتَعَلَّقُ بِمَالٍ، فَلَا يَكُونُ الْحَالِفُ بِهَا مُولِيًا، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَمْشِيَ فِي السُّوقِ. وَلَنَا، أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ بِالنَّذْرِ، فَكَانَ الْحَالِفُ بِهَا مُولِيًا، كَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ، وَمَا ذَكَرَهُ لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَحْتَاجُ إلَى الْمَاءِ وَالسُّتْرَةِ.
وَأَمَّا الْمَشْيُ فِي السُّوقِ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالْحِنْثِ فِي هَذَا النَّذْرِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ؛: إمَّا الْكَفَّارَةُ، وَإِمَّا الْمَشْيُ، فَقَدْ صَارَ الْحِنْثُ مُوجِبًا لِحَقٍّ عَلَيْهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُولِيًا بِنَذْرِ فِعْلِ الْمُبَاحَاتِ وَالْمَعَاصِي أَيْضًا، فَإِنَّ نَذْرَ الْمَعْصِيَةِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَشْيَ لَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَإِذَا اسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ، لَمْ يَكُنْ مُولِيًا فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ بِالْحِنْثِ، فَلَمْ يَكُنْ الْحِنْثُ مُوجِبًا لِحَقٍّ عَلَيْهِ. وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 537
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست