responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 415
فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ إذَا نَوَى الْيَمِينَ كَانَتْ يَمِينًا. وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ.
وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا. وَقَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] . وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] . فَجَعَلَ الْحَرَامَ يَمِينًا. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: نَوَى يَمِينًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ نَوَى بِقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. تَرْكَ وَطْئِهَا، وَاجْتِنَابَهَا، وَأَقَامَ ذَلِكَ مُقَامَ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك.

[فَصْل قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ]
(5900) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ. فَهُوَ طَلَاقٌ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ. وَرَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، أَنَّهُ قَالَ: إذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ. كُنْت أَقُولُ: إنَّهَا طَالِقٌ، يُكَفِّرُ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ. وَهَذَا كَأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ قَوْلِهِ: إنَّهُ طَلَاقٌ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ، فَلَمْ يَصِرْ طَلَاقًا بِقَوْلِهِ: أُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ. كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَكِنْ جَمَاعَةُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ. وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، فَكَانَ طَلَاقًا، كَمَا لَوْ ضَرَبَهَا، وَقَالَ: هَذَا طَلَاقُك. وَلَيْسَ هَذَا صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ، إنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي التَّحْرِيمِ، وَالتَّحْرِيمُ يَتَنَوَّعُ إلَى تَحْرِيمٍ بِالظِّهَارِ، وَإِلَى تَحْرِيمٍ بِالطَّلَاقِ، فَإِذَا بَيَّنَ بِلَفْظِهِ إرَادَةَ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ، وَجَبَ صَرْفُهُ إلَيْهِ، وَفَارَقَ قَوْلَهُ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ، وَهُوَ تَحْرِيمٌ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ، فَلَمْ يُمْكِنْ جَعْلُ ذَلِكَ طَلَاقًا، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
ثُمَّ إنْ قَالَ: أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ. أَوْ نَوَى بِهِ ثَلَاثًا، فَهِيَ ثَلَاثٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الَّتِي لِلِاسْتِغْرَاقِ، تَفْسِيرًا لِلتَّحْرِيمِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الطَّلَاقُ كُلُّهُ، وَإِذَا نَوَى الثَّلَاثَ فَقَدْ نَوَى بِلَفْظِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ الطَّلَاقِ، فَوَقَعَ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ بَائِنٌ. وَعَنْهُ: لَا يَكُونُ ثَلَاثًا حَتَّى يَنْوِيَهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ تَكُونُ لِغَيْرِ الِاسْتِغْرَاقِ فِي أَكْثَرِ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ. وَإِنْ قَالَ: أَعْنِي بِهِ طَلَاقًا. فَهُوَ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ مُنَكَّرًا، فَيَكُونُ طَلَاقًا وَاحِدًا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ، فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ؛ إذَا قَالَ: أَعْنِي طَلَاقًا. فَهِيَ وَاحِدَةٌ أَوْ اثْنَتَانِ، إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ أَلِفٌ وَلَامٌ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 415
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست