responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 416
[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ]
(5901) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ، فَلَمْ يَصْلُحْ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ، كَمَا لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ تَشْبِيهٌ بِمَنْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَالطَّلَاقُ يُفِيدُ تَحْرِيمًا غَيْرَ مُؤَبَّدٍ، فَلَمْ تَصْلُحْ الْكِنَايَةُ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ. وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ فَقَالَ: أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ. لَمْ يَصِرْ طَلَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ الْكِنَايَةُ بِهِ عَنْهُ.

[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّم وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ]
(5902) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ. وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، كَانَ طَلَاقًا؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِيهِ، فَإِذَا اقْتَرَنَتْ بِهِ النِّيَّةُ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ، وَيَقَعُ بِهِ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ مَا نَوَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ، وَهَذَا حُكْمُهَا. وَإِنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ، وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ نِكَاحِهَا، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ظِهَارًا، كَمَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَكُونَ ظِهَارًا، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ الْبَهِيمَةِ، أَوْ كَظَهْرِ أُمِّي. وَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ، وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ تَرْكَ وَطْئِهَا، لَا تَحْرِيمَهَا، وَلَا طَلَاقَهَا، فَهُوَ يَمِينٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الطَّلَاقِ، وَلَا نَوَاهُ بِهِ.
وَهَلْ يَكُونُ ظِهَارًا أَوْ يَمِينًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا، يَكُونُ ظِهَارًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، فَإِنَّ تَشْبِيهَهَا بِهِمَا يَقْتَضِي التَّشْبِيهَ بِهِمَا فِي الْأَمْرِ الَّذِي اشْتَهَرَا بِهِ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] . وَالثَّانِي، يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، فَإِذَا أَتَى بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ، ثَبَتَ بِهِ أَقَلُّ الْحُكْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا نُثْبِتُهُ بِالشَّكِّ، وَلَا نَزُولُ عَنْ الْأَصْلِ إلَّا بِيَقِينٍ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ، هُوَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ سَوَاءً.

[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَهَا بِلِسَانِهِ وَاسْتَثْنَى شَيْئًا بِقَلْبِهِ]
(5903) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا طَلَّقَهَا بِلِسَانِهِ، وَاسْتَثْنَى شَيْئًا بِقَلْبِهِ، وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ الِاسْتِثْنَاءُ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَا يَتَّصِلُ بِاللَّفْظِ مِنْ قَرِينَةٍ، أَوْ اسْتِثْنَاءٍ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا، مَا لَا يَصِحُّ نُطْقًا وَلَا نِيَّةً، وَذَلِكَ نَوْعَانِ؛ أَحَدُهُمَا، مَا يَرْفَعُ حُكْمَ اللَّفْظِ كُلَّهُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا. أَوْ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا تَلْزَمُك. أَوْ: لَا تَقَعُ عَلَيْك. فَهَذَا لَا يَصِحُّ بِلَفْظِهِ وَلَا بِنِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حُكْمَ اللَّفْظِ كُلَّهُ، فَيَصِيرُ الْجَمِيعُ لَغْوًا، فَلَا يَصِحُّ هَذَا فِي اللُّغَةِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ سَقَطَ الِاسْتِثْنَاءُ وَالصِّفَةُ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 416
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست