responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 388
[فَصْلٌ صَرِيحُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ]
(5854) فَصْلٌ: وَصَرِيحُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ بهشتم، فَإِذَا أَتَى بِهَا الْعَجَمِيُّ، وَقَعَ الطَّلَاقُ مِنْهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ كِنَايَةٌ، لَا يُطَلِّقُ بِهِ إلَّا بِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ خَلَّيْتُك، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ كِنَايَةٌ. وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ بِلِسَانِهِمْ مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ، يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيهِ، فَأَشْبَهَتْ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ صَرِيحَةً، لَمْ يَكُنْ فِي الْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ لِلطَّلَاقِ، وَهَذَا بَعِيدٌ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهَا بِمَعْنَى خَلَّيْتُك، فَإِنَّ مَعْنَى طَلَّقْتُك خَلَّيْتُك أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْضُوعًا لَهُ، يُسْتَعْمَلُ فِيهِ، كَانَ صَرِيحًا، كَذَا هَذِهِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ إذَا نَوَى بِهَا الطَّلَاقَ، كَانَتْ طَلَاقًا، كَذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَالشَّافِعِيُّ.

[مَسْأَلَةٌ قَالَ لَهَا فِي الْغَضَبِ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ لَطَمَهَا فَقَالَ هَذَا طَلَاقُك]
(5855) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا قَالَ لَهَا فِي الْغَضَبِ: أَنْتِ حُرَّةٌ، أَوْ لَطَمَهَا، فَقَالَ: هَذَا طَلَاقُك فَقَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ) الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَصْلَيْنِ: (5856) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ، إذَا نَوَاهُ بِهِ وَقَعَ، وَلَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَلَا دَلَالَةِ حَالٍ، وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي: أَنْتَ حُرَّةٌ، أَنَّهُ كِنَايَةٌ. فَأَمَّا إذَا لَطَمَهَا، وَقَالَ: هَذَا طَلَاقُك. فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفُقَهَاءِ قَالُوا: لَيْسَ هَذَا كِنَايَةً، وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، وَإِنْ نَوَى؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُؤَدِّي مَعْنَى الطَّلَاقِ، وَلَا هُوَ سَبَبٌ لَهُ، وَلَا حُكْمٌ فَلَمْ يَصِحَّ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْهُ، كَقَوْلِهِ: غَفَرَ اللَّهُ لَك. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ: أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقًا، هَذَا الضَّرْبُ مِنْ أَجْلِهِ، فَعَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ هَذَا صَرِيحًا.
وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ مُحْتَمِلٌ لِهَذَا أَيْضًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يُوقِعُهُ إذَا كَانَ فِي حَالِ الْغَضَبِ، فَيَكُونُ الْغَضَبُ قَائِمًا مَقَامَ النِّيَّةِ، كَمَا قَامَ مَقَامَهَا فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَطْمُهُ لَهَا قَرِينَةً تَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُرُ عَنْ الْغَضَبِ، فَجَرَى مَجْرَاهُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ بِالتَّقْدِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ سَبَبٌ لِطَلَاقِك، لِكَوْنِ الطَّلَاقِ مُعَلَّقًا عَلَيْهِ، فَصَحَّ أَنْ يُعَبِّرَ بِهِ عَنْهُ، وَلَيْسَ بِصَرِيحِ؛ لِأَنَّهُ احْتَاجَ إلَى تَقْدِيرٍ، وَلَوْ كَانَ صَرِيحًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْضُوعٍ لَهُ، وَلَا مُسْتَعْمَلٌ فِيهِ شَرْعًا، وَلَا عُرْفًا، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْكِنَايَاتِ.
وَعَلَى قِيَاسِهِ مَا لَوْ أَطْعَمَهَا، أَوْ سَقَاهَا، أَوْ كَسَاهَا، وَقَالَ: هَذَا طَلَاقُك. أَوْ لَوْ فَعَلَتْ الْمَرْأَةُ فِعْلًا مِنْ قِيَامٍ، أَوْ قُعُودٍ، أَوْ فَعَلَ هُوَ فِعْلًا، وَقَالَ: هَذَا طَلَاقُك. فَهُوَ مِثْلُ لَطْمِهَا، إلَّا فِي أَنَّ اللَّطْمَ يَدُلُّ عَلَى الْغَضَبِ الْقَائِمِ مَقَامَ النِّيَّةِ، فَيَكُونُ هُوَ أَيْضًا قَائِمًا مَقَامَهَا فِي وَجْهٍ، وَمَا ذَكَرْنَا لَا يَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ عِنْدَ مَنْ اعْتَبَرَهَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 388
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست