responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 366
كَانَ لِلسُّنَّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، حَتَّى قَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ لَشَهْوَةٍ، ثُمَّ وَالَى بَيْنَ الثَّلَاثِ، كَانَ مُصِيبًا لِلسُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُرْتَجَعًا لَهَا.
وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ إذَا ارْتَجَعَهَا، سَقَطَ حُكْمُ الطَّلْقَةِ الْأُولَى، فَصَارَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ، وَلَا غِنَى بِهِ عَنْ الطَّلْقَةِ الْأُخْرَى إذَا احْتَاجَ إلَى فِرَاقِ امْرَأَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَرْتَجِعْهَا؛ فَإِنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْهَا، لِإِفْضَائِهَا إلَى مَقْصُودِهِ مِنْ إبَانَتِهَا، فَافْتَرَقَا، وَلِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ إرْدَافُ طَلَاقٍ مِنْ غَيْرِ ارْتِجَاعٍ، فَلَمْ يَكُنْ لِلسُّنَّةِ، كَجَمْعِ الثَّلَاثِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، وَتَحْرِيمُ الْمَرْأَةِ لَا يَزُولُ إلَّا بِزَوْجٍ وَإِصَابَةٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَلَمْ يَكُنْ لِلسُّنَّةِ، كَجَمْعِ الثَّلَاثِ.

[فَصْلٌ طَلَاق الْبِدْعَةِ]
(5816) فَصْلٌ: فَإِنْ طَلَّقَ لِلْبِدْعَةِ، وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا حَائِضًا، أَوْ فِي طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيهِ، أَثِمَ، وَوَقَعَ طَلَاقُهُ. فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ. وَحَكَاهُ أَبُو نَصْرٍ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، وَالشِّيعَةُ قَالُوا: لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِهِ فِي قُبُلِ الْعِدَّةِ، فَإِذَا طَلَّقَ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَقَعَ، كَالْوَكِيلِ إذَا أَوْقَعَهُ فِي زَمَنٍ أَمَرَهُ مُوَكِّلُهُ بِإِيقَاعِهِ فِي غَيْرِهِ.
وَلَنَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَاجِعَهَا. وَفِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: «فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْت لَوْ أَنِّي طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا، أَكَانَ يَحِلُّ لِي أَنْ أُرَاجِعَهَا؟ قَالَ: لَا، كَانَتْ تَبِينُ مِنْك، وَتَكُونُ مَعْصِيَةً.» وَقَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً، فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهِ، وَرَاجَعَهَا كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَمِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْت لِابْنِ عُمَرَ: أَفَتُعْتَدُّ عَلَيْهِ، أَوْ تُحْتَسَبُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ أَرَأَيْت إنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ، وَكُلُّهَا أَحَادِيثُ صِحَاحٌ. لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ مُكَلَّفٍ فِي مَحَلِّ الطَّلَاقِ، فَوَقَعَ، كَطَلَاقِ الْحَامِلِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبِهِ، فَيَعْتَبِرُ لِوُقُوعِهِ مُوَافَقَةَ السُّنَّةِ، بَلْ هُوَ إزَالَةُ عِصْمَةٍ، وَقَطْعُ مِلْكٍ، فَإِيقَاعُهُ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ أَوْلَى، تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَعُقُوبَةً لَهُ، أَمَّا غَيْرُ الزَّوْجِ، فَلَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ، وَالزَّوْجُ يَمْلِكُهُ بِمِلْكِهِ مَحَلَّهُ.

[فَصْلٌ مُرَاجَعَة الْمُطَلَّقَة]
(5817) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَاجِعَهَا، لَأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُرَاجَعَتِهَا، وَأَقَلُّ أَحْوَالِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ، وَلِأَنَّهُ بِالرَّجْعَةِ يُزِيلُ الْمَعْنَى الَّذِي حَرَّمَ الطَّلَاقَ. وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةً أُخْرَى،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 366
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست