responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 365
مَعْنَى طَلَاقِ السُّنَّةِ الطَّلَاقُ الَّذِي وَافَقَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْآيَةِ وَالْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَهُوَ الطَّلَاقُ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، ثُمَّ يَتْرُكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، أَنَّهُ مُصِيبٌ لِلسُّنَّةِ، مُطَلِّقٌ لِلْعِدَّةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ. وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] . وَقَالَ: طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ. وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ: «لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» . فَأَمَّا قَوْلُهُ: ثُمَّ يَدَعَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُتْبِعُهَا طَلَاقًا آخِرَ قَبْلَ قَضَاءِ عِدَّتِهَا، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ، كَانَ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمَ جَمْعِ الثَّلَاثِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ. قَالَ أَحْمَدُ: طَلَاقُ السُّنَّةِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ يَتْرُكُهَا حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ: السُّنَّةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا، فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةٌ. وَهُوَ قَوْلُ سَائِرِ، الْكُوفِيِّينَ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، حِينَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَاجِعْهَا، ثُمَّ أَمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ.» قَالُوا: وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِإِمْسَاكِهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ طُهْرٌ كَامِلٌ، فَإِذَا مَضَى وَمَضَتْ الْحَيْضَةُ الَّتِي بَعْدَهُ، أَمَرَهُ بِطَلَاقِهَا، وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ: " وَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ، فَيُطَلِّقَ لِكُلِّ قُرْءٍ ".
وَرَوَى النَّسَائِيّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا تَطْلِيقَةً، وَهِيَ طَاهِرٌ، فِي غَيْرِ جِمَاعٍ، فَإِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ، طَلَّقَهَا أُخْرَى، فَإِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ طَلَّقَهَا أُخْرَى، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَيْضَةِ. وَلَنَا، مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَا يُطَلِّقُ أَحَدٌ لِلسُّنَّةِ فَيَنْدَمُ. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُطَلِّقْ ثَلَاثًا. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ أَخَذُوا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ مِنْ الطَّلَاقِ، مَا يُتْبِعُ رَجُلٌ نَفْسَهُ امْرَأَةً أَبَدًا، يُطَلِّقُهَا تَطْلِيقَةً، ثُمَّ يَدَعُهَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ تَحِيضَ ثَلَاثَةً، فَمَتَى شَاءَ رَاجَعَهَا. رَوَاهُ النَّجَّادُ بِإِسْنَادِهِ.
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: طَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَهِيَ طَاهِرٌ، ثُمَّ يَدَعَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، أَوْ يُرَاجِعَهَا إنْ شَاءَ. فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْأَوَّلُ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ جَمْعُ الثَّلَاثِ، وَأَمَّا حَدِيثُهُ الْآخِرُ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْد ارْتِجَاعِهَا، وَمَتَى ارْتَجَعَ بَعْدَ الطَّلْقَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 365
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست