responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 36
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كُفُؤًا لِعَفِيفَةٍ، وَلَا مُسَاوِيًا لَهَا، لَكِنْ يَكُونُ كُفُؤًا لِمِثْلِهِ. فَأَمَّا الْفَاسِقُ مِنْ الْجُنْدِ، فَهُوَ نَاقِصٌ عِنْدَ أَهْلِ الدِّينِ وَالْمُرُوآت. وَالدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِ النَّسَبِ فِي الْكَفَاءَةِ، قَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَأَمْنَعَنَّ فُرُوجَ ذَوَاتِ الْأَحْسَابِ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ. قَالَ: قُلْت: وَمَا الْأَكْفَاءُ؟ قَالَ فِي الْحَسَبِ. رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، بِإِسْنَادِهِ. وَلِأَنَّ الْعَرَبَ يَعُدُّونَ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ، وَيَأْنَفُونَ مِنْ نِكَاحِ الْمَوَالِي، وَيَرَوْنَ ذَلِكَ نَقْصًا وَعَارًا، فَإِذَا أَطْلَقْتَ الْكَفَاءَةَ، وَجَبَ حَمْلُهَا عَلَى الْمُتَعَارَفِ، وَلِأَنَّ فِي فَقْدِ ذَلِكَ عَارًا وَنَقْصًا، فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْكَفَاءَةِ كَالدِّينِ.
(5191) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفْت الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ غَيْرَ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ لَا يُكَافِئُهَا، وَغَيْرَ بَنِي هَاشِمٍ لَا يُكَافِئُهُمْ. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» . وَلِأَنَّ الْعَرَبَ فُضِّلَتْ عَلَى الْأُمَمِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُرَيْشٌ أَخَصُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ، وَبَنُو هَاشِمٍ أَخُصُّ بِهِ مِنْ قُرَيْشٍ
وَكَذَلِكَ قَالَ عُثْمَانُ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ إنَّ إخْوَانَنَا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ لَا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ عَلَيْنَا، لِمَكَانِكِ الَّذِي وَضَعَك اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تُكَافِئُ الْعَجَمُ الْعَرَبَ وَلَا الْعَرَبُ قُرَيْشًا، وَقُرَيْشٌ كُلُّهُمْ أَكْفَاءٌ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: قُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْعَرَبَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ، وَالْعَجَمُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ ابْنَتَيْهِ عُثْمَانَ، وَزَوَّجَ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ زَيْنَبَ، وَهُمَا مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَزَوَّجَ عَلِيٌّ عُمَرَ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ، وَتَزَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَتَزَوَّجَ الْمُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ أُخْتَهَا سُكَيْنَةَ، وَتَزَوَّجَهَا أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَتَزَوَّجَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ ضُبَاعَةَ ابْنَةَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَةَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَوَّجَ أَبُو بَكْرٍ أُخْتَهُ أُمَّ فَرْوَةَ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ، وَهُمَا كِنْدِيَّانِ، وَتَزَوَّجَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، وَهِيَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَلِأَنَّ الْعَجَمَ وَالْمَوَالِيَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ، وَإِنْ تَفَاضَلُوا، وَشَرُفَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَكَذَلِكَ الْعَرَبُ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست