responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 35
صِحَّتَهُ، وَإِنَّمَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ، كَالْعَيْبِ مِنْ الْعُنَّةِ وَغَيْرِهَا. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِمَنْ لَمْ يَرْضَ الْفَسْخُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ وَبَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ، لَمْ يَكُنْ لِبَاقِي الْأَوْلِيَاءِ فَسْخٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ لَا يَتَجَزَّأُ، وَقَدْ أَسْقَطَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ حَقَّهُ، فَسَقَطَ جَمِيعُهُ، كَالْقِصَاصِ. وَلَنَا، أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِرِضَا غَيْرِهِ، كَالْمَرْأَةِ مَعَ الْوَلِيِّ
فَأَمَّا الْقِصَاصُ فَلَا يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا، فَإِذَا سَقَطَ بَعْضُهُ، تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ، وَهَاهُنَا بِخِلَافِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا، مَلَكَ الْبَاقُونَ عِنْدَهُمْ الِاعْتِرَاضَ، مَعَ أَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهَا، فَهَاهُنَا مَعَ أَنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ أَوْلَى. وَسَوَاءٌ كَانُوا مُتَسَاوِينَ فِي الدَّرَجَةِ، أَوْ مُتَفَاوِتِينَ، فَزَوَّجَ الْأَقْرَبُ، مِثْلُ أَنْ يُزَوِّجَ الْأَبُ بِغَيْرِ كُفْءٍ، فَإِنَّ لِلْإِخْوَةِ الْفَسْخَ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَيْسَ لَهُمْ فَسْخٌ إذَا زَوَّجَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْأَبْعَدِ مَعَهُ، فَرِضَاؤُهُ لَا يُعْتَبَرُ. وَلَنَا، أَنَّهُ وَلِيَ فِي حَالٍ يَلْحَقُهُ الْعَارُ بِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ، فَمَلَكَ الْفَسْخَ كَالْمُتَسَاوِيَيْنِ.

[مَسْأَلَةٌ شُرُوط الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاح]
(5190) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَالْكُفْءُ ذُو الدِّينِ وَالْمَنْصِبِ يَعْنِي بِالْمَنْصِبِ الْحَسَبَ، وَهُوَ النَّسَبُ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ، فَعَنْهُ هُمَا شَرْطَانِ؛ الدِّينُ، وَالْمَنْصِبُ، لَا غَيْرُ. وَعَنْهُ أَنَّهَا خَمْسَةٌ؛ هَذَانِ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالصِّنَاعَةُ، وَالْيَسَارُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي، فِي (الْمُجَرَّدِ) أَنَّ فَقْدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا الرِّوَايَتَانِ فِي الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُبْطِلَ عَدَمُ الْكَفَاءَةِ فِي النَّسَبِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ لَازِمٌ، وَمَا عَدَاهُ غَيْرُ لَازِمٍ، وَلَا يَتَعَدَّى نَقْصُهُ إلَى الْوَلَدِ
وَذَكَرَ فِي (الْجَامِعِ) الرِّوَايَتَيْنِ فِي جَمِيعِ الشُّرُوطِ. وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ أَيْضًا. وَقَالَ مَالِكٌ: الْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ لَا غَيْرُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا جُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَقَوْلٌ آخَرُ أَنَّهَا الْخَمْسَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَالسَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ فَتَكُونُ سِتَّةً، وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ إلَّا فِي الصَّنْعَةِ وَالسَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ. وَلَمْ يَعْتَبِرْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الدِّينَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَسْكَرُ وَيَخْرُجُ وَيَسْخَرُ مِنْهُ الصِّبْيَانُ، فَلَا يَكُونُ كُفُؤًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْجُنْدِ الْفِسْقُ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ نَقْصًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِ الدِّينِ قَوْله تَعَالَى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18]
وَلِأَنَّ الْفَاسِقَ مَرْذُولٌ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ، غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ، مَسْلُوبُ الْوِلَايَاتِ، نَاقِصٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَ خَلْقِهِ، قَلِيلُ الْحَظِّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 7  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست