responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 485
وَلَنَا، أَنَّ ابْنَ السَّبِيلِ هُوَ الْمُلَازِمُ لِلطَّرِيقِ الْكَائِنِ فِيهَا، كَمَا يُقَالُ: وَلَدُ اللَّيْلِ. لِلَّذِي يُكْثِرُ الْخُرُوجَ فِيهِ، وَالْقَاطِنُ فِي بَلَدِهِ لَيْسَ فِي طَرِيقٍ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْكَائِنِ فِيهَا، وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ السَّفَرِ بِهَمِّهِ بِهِ دُونَ فِعْلِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ إلَّا الْغَرِيبَ دُونَ مَنْ هُوَ فِي وَطَنِهِ وَمَنْزِلِهِ، وَإِنْ انْتَهَتْ بِهِ الْحَاجَةُ مُنْتَهَاهَا، فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ عَلَى الْغَرِيبِ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يُعْطَى وَلَهُ الْيَسَارُ فِي بَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ، وَالِانْتِفَاعِ بِهِ، فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ فِي حَقِّهِ. فَإِنْ كَانَ ابْنُ السَّبِيلِ فَقِيرًا فِي بَلَدِهِ، أُعْطِيَ لِفَقْرِهِ وَكَوْنِهِ ابْنَ السَّبِيلِ، لِوُجُودِ الْأَمْرَيْنِ فِيهِ، وَيُعْطَى لِكَوْنِهِ ابْنَ سَبِيلٍ قَدْرَ مَا يُوَصِّلُهُ إلَى بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَيْهِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ.
فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ، وَتُدْفَعُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فِي بَلَدِهِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْوُصُولِ إلَى مَالِهِ، فَصَارَ كَالْمَعْدُومِ. وَإِنْ فَضَلَ مَعَهُ شَيْءٌ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى بَلَدِهِ رَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِلْحَاجَةِ، وَقَدْ حَصَلَ الْغِنَى بِدُونِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخَذَ لِغَزْوٍ فَلَمْ يَغْزُ. وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا، أَوْ اتَّصَلَ بِسَفَرِهِ الْفَقْرُ، أَخَذَ الْفَضْلَ لِفَقْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَاتَ الِاسْتِحْقَاقُ بِكَوْنِهِ ابْنَ سَبِيلٍ، حَصَلَ الِاسْتِحْقَاقُ بِجِهَةٍ أُخْرَى. وَإِنْ كَانَ غَارِمًا، أَخَذَ الْفَضْلَ لِغُرْمِهِ.

[فَصْلٌ كَانَ ابْنُ السَّبِيلِ مُجْتَازًا يُرِيدُ بَلَدًا غَيْرَ بَلَدِهِ فِي مَصَارِف الزَّكَاة]
(5123) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ ابْنُ السَّبِيلِ مُجْتَازًا يُرِيدُ بَلَدًا غَيْرَ بَلَدِهِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ مَا يَكْفِيهِ فِي مُضِيِّهِ إلَى مَقْصِدِهِ وَرُجُوعِهِ إلَى بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى السَّفَرِ الْمُبَاحِ، وَبُلُوغِ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ السَّفَرِ مُبَاحًا، إمَّا قُرْبَةً كَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَزِيَارَةِ الْوَالِدَيْنِ، أَوْ مُبَاحًا كَطَلَبِ الْمَعَاشِ وَالتِّجَارَاتِ. فَأَمَّا الْمَعْصِيَةُ فَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَيْهَا، وَتَسَبُّبٌ إلَيْهَا، فَهُوَ كَفِعْلِهَا، فَإِنَّ وَسِيلَةَ الشَّيْءِ جَارِيَةٌ مَجْرَاهُ. وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ لِلنُّزْهَةِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يُدْفَعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ. وَالثَّانِي، لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى هَذَا السَّفَرِ. وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ لِلسَّفَرِ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ.
لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ لِلْمُنْشِئِ لِلسَّفَرِ مِنْ بَلَدِهِ، وَلِأَنَّ هَذَا السَّفَرَ إنْ كَانَ لِجِهَادٍ، فَهُوَ يَأْخُذُ لَهُ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ حَجًّا فَغَيْرُهُ أَهَمُّ مِنْهُ. وَإِذَا لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ فِي هَذَيْنِ، فَفِي غَيْرِهِمَا أَوْلَى. وَإِنَّمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لِلرُّجُوعِ إلَى بَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ تَدْعُو حَاجَتُهُ إلَيْهِ وَلَا غِنَى بِهِ عَنْهُ، فَلَا يَجُوزُ إلْحَاقُ غَيْرِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، فَلَا يَجُوزُ قِيَاسُهُ عَلَيْهِ، وَلَا نَصَّ فِيهِ، فَلَا يَثْبُتُ جَوَازُهُ لِعَدَمِ النَّصِّ وَالْقِيَاسِ.

[فَصْلٌ ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهُ ابْن سَبِيلٍ وَلَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ فِي مَصَارِف الزَّكَاة]
(5124) فَصْلٌ: وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ، وَلَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ، لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَإِنْ ادَّعَى الْحَاجَةَ، وَلَمْ يَكُنْ عُرِفَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 6  صفحة : 485
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست