responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 57
بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِمَا بِذَلِكَ، فَأَقَامَهَا، لَزِمَهُمَا ذَلِكَ، وَإِنْ أَنْكَرَا لَمْ يَسْتَحْلِفَا؛ لِأَنَّ إحْلَافَهُمَا يَطْرُقُ عَلَيْهِمَا الدَّعَاوَى فِي الشَّهَادَةِ وَالِامْتِهَانَ، وَرُبَّمَا مَنَعَ ذَلِكَ إقَامَةَ الشَّهَادَةِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا.

[مَسْأَلَةٌ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي مَنْ لَا يَعْرِفُ عَدَالَته]
(8247) مَسْأَلَةٌ، قَالَ (وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَهُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ، سَأَلَ عَنْهُ، فَإِنْ عَدَّلَهُ اثْنَانِ، قَبِلَ شَهَادَتَهُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ شَاهِدَانِ، فَإِنْ عَرَفَهُمَا عَدْلَيْنِ، حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ عَرَفَهُمَا فَاسِقَيْنِ، لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمَا، سَأَلَ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْعَدَالَةِ شَرْطٌ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِجَمِيعِ الْحُقُوقِ.
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: يَحْكُمُ بِشَهَادَتِهِمَا إذَا عَرَفَ إسْلَامَهُمَا، بِظَاهِرِ الْحَالِ، إلَّا أَنْ يَقُولَ الْخَصْمُ: هُمَا فَاسِقَانِ. وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَالْمَالُ وَالْحَدُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَرُوِيَ «، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَهِدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ . فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ . قَالَ: نَعَمْ. فَصَامَ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ» .
وَلِأَنَّ الْعَدَالَةَ أَمْرٌ خَفِيٌّ، سَبَبُهَا الْخَوْفُ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى، وَدَلِيلُ ذَلِكَ الْإِسْلَامُ، فَإِذَا وُجِدَ، فَلْيَكْتَفِ بِهِ، مَا لِمَ يَقُمْ عَلَى خِلَافِهِ دَلِيلٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَالرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَفِي سَائِرِ الْحُقُوقِ كَالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ مِمَّا يُحْتَاطُ لَهَا وَتَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَلَنَا، أَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ، فَوَجَبَ الْعِلْمُ بِهَا كَالْإِسْلَامِ، أَوْ كَمَا لَوْ طَعَنَ الْخَصْمُ فِيهِمَا.
فَأَمَّا الْأَعْرَابِيُّ الْمُسْلِمُ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ بِثَنَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ دِينَهُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيثَارًا لِدِينِ الْإِسْلَامِ، وَصُحْبَةِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ، فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الظَّاهِرَ الْعَدَالَةُ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ وُجُوبَ الْبَحْثِ، وَمَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الْعَدَالَةِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ، أَنَّهُ أُتِيَ بِشَاهِدَيْنِ، فَقَالَ لَهُمَا عُمَرُ: لَسْت أَعْرِفُكُمَا، وَلَا يَضُرُّكُمَا إنْ لَمْ أَعْرِفْكُمَا، جِيئَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا. فَأَتَيَا بِرَجُلٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تَعْرِفُهُمَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ عُمَرُ: صَحِبْتهمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي تَبِينُ فِيهِ جَوَاهِرُ النَّاسِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: عَامَلْتهمَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ الَّتِي تُقْطَعُ فِيهَا الرَّحِمُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: كُنْت جَارًا لَهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا؟ قَالَ لَا. قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، لَسْت تَعْرِفُهُمَا، جِيئَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا وَهَذَا بَحْثٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِدُونِهِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ الشَّاهِدَ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ؛ الْإِسْلَامُ وَالْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ، وَالْعَدَالَةُ، وَلَيْسَ فِيهَا

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست