responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 52
مَا قَضَيْنَا، وَهَذِهِ عَلَى مَا قَضَيْنَا. وَقَضَى فِي الْجَدِّ بِقَضَايَا مُخْتَلِفَةٍ، وَلَمْ يَرُدَّ الْأُولَى. وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ الْحُكْمِ بِمِثْلِهِ، وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا يَثْبُتَ الْحُكْمُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ الثَّانِيَ يُخَالِفُ الَّذِي قَبْلَهُ، وَالثَّالِثَ يُخَالِفُ الثَّانِيَ، فَلَا يَثْبُتُ حُكْمٌ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ شُرَيْحًا حُكْمَ فِي ابْنَيْ عَمٍّ، أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ، أَنَّ الْمَالَ لِلْأَخِ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: عَلَيَّ بِالْعَبْدِ. فَجِيءَ بِهِ. فَقَالَ: فِي أَيِّ كِتَابِ اللَّهِ وَجَدْت ذَلِكَ؟ فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: 75] . فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 12] . وَنَقَضَ حُكْمَهُ.
قُلْنَا: لَمْ يَثْبُتْ عَنَدْنَا أَنَّ عَلِيًّا نَقَضَ حُكْمَهُ، وَلَوْ ثَبَتَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اعْتَقَدَ أَنَّهُ خَالَفَ نَصَّ الْكِتَابِ فِي الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، فَنَقَضَ حُكْمَهُ لِذَلِكَ.

[فَصْلٌ تُغَيِّرَ اجْتِهَادُ الْحَاكِم قَبْلَ الْحُكْمِ]
(8240) فَصْلٌ: إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ، فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِمَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِاجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَكَمَ فَقَدْ حَكَمَ بِمَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ بَاطِلٌ، وَهَذَا كَمَا قُلْنَا فِيمَنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِي الْقِبْلَةِ بَعْدَ مَا صَلَّى لَا يُعِيدُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، صَلَّى إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إلَيْهَا. وَلِذَلِكَ إذَا بَانَ فِسْقُ الشُّهُودِ قَبْلَ الْحُكْمِ، لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمْ، وَلَوْ بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ، لَمْ يَنْقُضْهُ.

[فَصْلٌ تَتَبُّعُ الْحَاكِمِ قَضَايَا مَنْ كَانَ قَبْلَهُ]
(8241) فَصْلٌ: وَلَيْسَ عَلَى الْحَاكِمِ تَتَبُّعُ قَضَايَا مَنْ كَانَ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّتُهَا وَصَوَابُهَا، وَأَنَّهُ لَا يُوَلِّي الْقَضَاءَ إلَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ، فَإِنْ تَتَبَّعَهَا نَظَرَ فِي الْحَاكِمِ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، فَمَا وَافَقَ مِنْ أَحْكَامِهِ الصَّوَابَ، أَوْ لَمْ يُخَالِفْ كِتَابًا وَلَا سُنَّةً وَلَا إجْمَاعًا، لَمْ يَسُغْ نَقْضُهُ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِأَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَكَانَ فِي حَقٍّ لِلَّهِ - تَعَالَى، كَالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ، نَقَضَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَإِنْ كَانَ يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ آدَمِيٍّ، لَمْ يَنْقُضْهُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست