responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 51
مُوسَى: لَا يَمْنَعَنَّك قَضَاءٌ قَضَيْته بِالْأَمْسِ، ثُمَّ رَاجَعْت نَفْسَك فِيهِ الْيَوْمَ، فَهُدِيت لِرُشْدِك أَنْ تُرَاجِعَ فِيهِ الْحَقَّ؛ فَإِنَّ الرُّجُوعَ إلَى الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ، وَلِأَنَّهُ خَطَأٌ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ عَنْهُ، كَمَا لَوْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ وَافَقَهُمَا فِي قَضَاءِ نَفْسِهِ.
وَلَنَا، عَلَى نَقْضِهِ إذَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا، أَنَّهُ قَضَاءٌ لَمْ يُصَادِفْ شَرْطَهُ، فَوَجَبَ نَقْضُهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُخَالِفْ الْإِجْمَاعَ، وَبَيَانُ مُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْطِ، أَنَّ شَرْطَ الْحُكْمِ بِالِاجْتِهَادِ عَدَمُ النَّصِّ، بِدَلِيلِ خَبَرِ مُعَاذٍ، وَلِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، فَقَدْ فَرَّطَ، فَوَجَبَ نَقْضُ حُكْمِهِ، كَمَا لَوْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ، أَوْ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ كَافِرَيْنِ.
وَمَا قَالُوهُ يَبْطُلُ بِمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُمْ فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ إذَا صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ إلَى جِهَةٍ، ثُمَّ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ لَمْ يُعِدْ؟ قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ يَسْقُطُ حَالَ الْعُذْرِ فِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ وَالْخَوْفِ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ نَحْوِهِ، مَعَ الْعِلْمِ، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْحَقِّ إلَى غَيْرِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِحَالٍ.
الثَّانِي، أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ - تَعَالَى، تَدْخُلُهَا الْمُسَامَحَةُ الثَّالِثُ، أَنَّ الْقِبْلَةَ يَتَكَرَّرُ فِيهَا اشْتِبَاهُ الْقِبْلَةِ، فَيَشُقُّ الْقَضَاءُ. وَهَا هُنَا إذَا بَانَ لَهُ الْخَطَأُ لَا يَعُودُ الِاشْتِبَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَالِفَ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا، أَوْ خَالَفَ اجْتِهَادُهُ اجْتِهَادَ مَنْ قَبْلَهُ، لَمْ يَنْقُضْهُ لِمُخَالَفَتِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ حَكَمَ فِي مَسَائِلَ بِاجْتِهَادِهِ، وَخَالَفَهُ عُمَرُ، وَلَمْ يَنْقُضْ أَحْكَامَهُ وَعَلِيٌّ خَالَفَ عُمَرَ فِي اجْتِهَادِهِ، فَلَمْ يَنْقُضْ أَحْكَامَهُ، وَخَالَفَهُمَا عَلِيٌّ، فَلَمْ يَنْقُضْ أَحْكَامَهُمَا، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ سَوَّى بَيْنَ النَّاسِ فِي الْعَطَاءِ، وَأَعْطَى الْعَبِيدَ، وَخَالَفَهُ عُمَرُ، فَفَاضَلَ بَيْنَ النَّاسِ، وَخَالَفَهُمَا عَلِيٌّ فَسَوَّى بَيْنَ النَّاسِ وَحَرَّمَ الْعَبِيدَ، وَلَمْ يَنْقُضْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَا فَعَلَهُ مَنْ قَبْلَهُ وَجَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كِتَابُك بِيَدِك، وَشَفَاعَتُك بِلِسَانِك. فَقَالَ: وَيْحَكُمْ، إنَّ عُمَرَ كَانَ رَشِيدَ الْأَمْرِ، وَلَنْ أَرُدَّ قَضَاءً قَضَى بِهِ عُمَرُ. رَوَاهُ سَعِيدٌ وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ حَكَمَ فِي الْمُشْتَرَكَةِ بِإِسْقَاطِ الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، ثُمَّ شَرَّكَ بَيْنَهُمْ بَعْدُ، وَقَالَ: تِلْكَ عَلَى

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 51
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست