responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 462
[فَصْلٌ قَالَ كَاتِبُوا أَحَدَ رَقِيقِي]
(8847) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: كَاتِبُوا أَحَدَ رَقِيقِي. فَلِلْوَرَثَةِ مُكَاتَبَةُ مَنْ شَاءُوا مِنْهُمْ. فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ، يُكَاتِبُونَ وَاحِدًا مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ. وَإِنْ قَالَ: أَحَدَ عَبِيدِي. فَكَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ مُكَاتَبَةُ أَمَةٍ، وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ، لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ كَوْنُ الْخُنْثَى عَبْدًا. أَوْ أَمَةً. وَإِنْ قَالَ: أَحَدَ إمَائِي. فَلَيْسَ لَهُمْ مُكَاتَبَةُ عَبْدٍ، وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ كَذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ الْخُنْثَى غَيْرَ مُشْكِلٍ، وَكَانَ رَجُلًا، فَلَهُمْ مُكَاتَبَتُهُ إذَا قَالَ كَاتِبُوا أَحَدَ عَبِيدِي. وَإِنْ كَانَ أُنْثَى، فَلَهُمْ مُكَاتَبَتُهُ إذَا قَالَ: كَاتِبُوا أَحَدَ إمَائِي. لِأَنَّ هَذَا عَيْبٌ فِيهِ، وَالْعَيْبُ لَا يَمْنَعُ الْكِتَابَةَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ]
فَصْلٌ: وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ، أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى عِوَضٍ مَجْهُولٍ، أَوْ عِوَضٍ حَالٍّ، أَوْ مُحَرَّمٍ، كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ. فَأَمَّا إنْ شَرَطَ فِي الْكِتَابَةِ شَرْطًا فَاسِدًا، فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُهَا لَكِنْ يَلْغُو الشَّرْطُ، وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يُفْسِدَهَا؛ بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى الْعِوَضِ الْمُحَرَّمِ بَاطِلَةٌ، لَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ فِيهَا. وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ؛ فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: إذَا كَاتَبَهُ كِتَابَةً فَاسِدَةً، فَأَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ، عَتَقَ، مَا لَمْ تَكُنْ الْكِتَابَةُ مُحَرَّمَةً. فَحَكَمَ بِالْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ إلَّا فِي الْمُحَرَّمَةِ. وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ، كَسَائِرِ الْكِتَابَاتِ الْفَاسِدَةِ.
وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْقَاضِي عَلَى مَا إذَا جَعَلَ السَّيِّدُ الْأَدَاءَ شَرْطًا لِلْعِتْقِ، فَقَالَ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ، فَأَنْتَ حُرٌّ. فَأَدَّى إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِالصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ، لَا بِالْكِتَابَةِ، وَيَثْبُتُ فِي هَذِهِ الْكِتَابَةِ حُكْمُ الصِّفَةِ فِي الْعِتْقِ بِوُجُودِهَا، لَا بِحُكْمِ الْكِتَابَةِ. وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ، فَإِنَّهَا تُسَاوِي الصَّحِيحَةَ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّهُ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ صَرَّحَ بِالصِّفَةِ، فَقَالَ: إنَّ أَدَّيْت إلَيَّ، فَأَنْتَ حُرٌّ. أَوْ لَمْ يَقُلْ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْكِتَابَةِ يَقْتَضِي هَذَا، فَيَصِيرُ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ، فَيَعْتِقُ بِوُجُودِهِ، كَالْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ. الثَّانِي، أَنَّهُ إذَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ، لَمْ تَلْزَمْهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا أَعْطَاهُ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَتَرَاجَعَانِ، فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ قِيمَتُهُ، وَعَلَى السَّيِّدِ مَا أَخَذَهُ، فَيَتَقَاصَّانِ بِقَدْرِ أَقَلِّهِمَا، إنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَيَأْخُذُ ذُو الْفَضْلِ فَضْلَهُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاسِدَةٍ، فَوَجَبَ التَّرَاجُعُ فِيهِ، كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ. وَلَنَا، أَنَّهُ عَقْدُ كِتَابَةٍ لِمُعَاوَضَةٍ حَصَلَ الْعِتْقُ فِيهَا بِالْأَدَاءِ، فَلَمْ يَجِبْ التَّرَاجُعُ فِيهَا، كَمَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا، وَلِأَنَّ مَا أَخَذَهُ السَّيِّدُ فَهُوَ مِنْ كَسْبِ عَبْدِهِ، الَّذِي لَمْ يَمْلِكْ كَسْبَهُ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ رَدُّهُ، وَالْعَبْدُ عَتَقَ بِالصِّفَةِ، فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَأَنْتَ حُرٌّ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 462
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست