responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 463
وَأَمَّا الْبَيْع الْفَاسِدُ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ سَيِّدِهِ، فَلَا رُجُوعَ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ أَخَذَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَدَفَعَ إلَى الْآخَرِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ، بِعَقْدِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ الْمُعَاوَضَةُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا بِخِلَافِهِ. الثَّالِثُ، أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي كَسْبِهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ تَضَمَّنَ الْإِذْنَ فِي ذَلِكَ، وَلَهُ أَخْذُ الصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ، فَمَلَكَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ. الرَّابِعُ، أَنَّهُ إذَا كَاتَبَ جَمَاعَةً كِتَابَةً فَاسِدَةً، فَأَدَّى أَحَدُهُمْ، حِصَّتَهُ عَتَقَ. عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَعْتِقُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ بِأَدَاءِ حِصَّتِهِ. لِأَنَّ مَعْنَى الْعَقْدِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُكَاتَبٌ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، مَتَى أَدَّى إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْرَ حِصَّتِهِ، فَهُوَ حُرٌّ.
وَمَنْ قَالَ: لَا يَعْتِقُ فِي الصَّحِيحَةِ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْجَمِيعَ. فَهَاهُنَا أُولَى. وَتُفَارِقُ الصَّحِيحَةَ فِي ثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ فَسْخَهَا وَرَفْعَهَا، سَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ صِفَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَلْزَمُ حُكْمُهُ، وَالصِّفَةُ هَاهُنَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ، وَتَابِعَةٌ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، فَلَمَّا أَبْطَلَ الْمُعَاوَضَةَ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ، بَطَلَتْ الصِّفَةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَلِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَرْضَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ إلَّا بِأَنْ يُسَلَّمَ لَهُ الْعِوَضُ الْمُسَمَّى، فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ، كَانَ لَهُ إبْطَالُهَا، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ؛ فَإِنَّ الْعِوَضَ سُلِّمَ لَهُ، فَكَانَ الْعَقْدُ لَازِمًا لَهُ. الثَّانِي، أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ الْمَالِ، لَمْ تَصِحَّ الْبَرَاءَةُ، وَلَا يَعْتِقُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الْعَقْدِ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ، وَجَرَى هَذَا مَجْرَى الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ، فِي قَوْلِهِ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا. فَأَنْتَ حُرٌّ.
الثَّالِثُ، أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ هَاهُنَا بِالصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا، فَأَنْتَ حُرٌّ. وَاخْتُلِفَ فِي أَحْكَامٍ أَرْبَعَةٍ؛ أَحَدُهَا، فِي بُطْلَانِ الْكِتَابَةِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ. فَذَهَبَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ إلَى بُطْلَانِهَا. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، لَا يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ، فَيَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، كَالْوَكَالَةِ، وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا حُكْمُ الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَالصِّفَةُ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْكِتَابَةُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، وَيَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إلَى الْوَارِثِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إلَى السَّيِّدِ، فَيَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إلَى الْوَارِثِ، كَمَا فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ، وَلِأَنَّ الْفَاسِدَةَ كَالصَّحِيحَةِ فِي بَابِ الْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ، وَفِي أَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُهُ، فَكَذَلِكَ فِي هَذَا. وَالثَّانِي، فِي بُطْلَانِهَا بِجُنُونِ السَّيِّدِ، وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ لَسَفَهٍ، وَالْخِلَافُ فِيهِ كَالْخِلَافِ فِي بُطْلَانِهَا بِمَوْتِهِ. وَالْأَوْلَى أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُجَرَّدَةَ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ، وَالْمُغَلَّبُ فِي هَذِهِ الْكِتَابَةِ، حُكْمُ الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ، فَلَا

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 463
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست