responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 450
نَجْمٌ، فَيَقُولَ: أَخِّرْنِي بِهِ إلَى كَذَا، وَأَزِيدُك كَذَا. فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ إلَى وَقْتٍ، لَا يَتَأَخَّرُ أَجَلُهُ عَنْ وَقْتِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، وَلَا يَتَغَيَّرُ أَجَلُهُ بِتَغْيِيرِهِ، وَإِذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ وَقْتِهِ، لَمْ تَصِحَّ الزِّيَادَةُ الَّتِي فِي مُقَابَلَتِهِ، وَلِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ الْمُحَرَّمَ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ لِلزِّيَادَةِ فِي الْأَجَلِ، وَيُفَارِقُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: فَكَمَا أَنَّ الْأَجَلَ لَا يَتَأَخَّرُ، كَذَلِكَ لَا يُتَعَجَّلُ، وَلَا يَصِيرُ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ حَالًّا، فَلِمَ جَازَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؟ قُلْنَا: إنَّمَا جَازَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِالتَّعْجِيلِ فِعْلًا، فَإِنَّهُ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ قَبْلَ مَحِلِّهِ، جَازَ، وَجَازَ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُ بَاقِي حَقِّهِ عَلَيْهِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، فَهُوَ ضِدُّ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ فِي ضِمْنِ الْكِتَابَةِ أَنَّكَ مَتَى أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا، فَأَنْتَ حُرٌّ.
فَإِذَا أَدَّى إلَيْهِ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتِقَ، فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا غُيِّرَ الْأَجَلُ وَالْعِوَضُ فَكَأَنَّهُمَا فَسَخَا الْكِتَابَةَ الْأُولَى، وَجَعَلَاهَا كِتَابَةً ثَانِيَةً. قُلْنَا: لَمْ يَجْزِ بَيْنَهُمَا فَسْخٌ، وَإِنَّمَا قَصَدَا تَغْيِيرَ الْعِوَضِ وَالْأَجَلِ، عَلَى وَجْهٍ لَا يَصِحُّ، فَيَبْطُلُ التَّغْيِيرُ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِحَالِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. فَعَلَى هَذَا، لَوْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ. وَكَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، لَوْ قَالَ: أُعَجِّلُ لَك مَالَ الْكِتَابَةِ، وَتُسْقِطُ عَنِّي مِنْهُ كَذَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّعْجِيلِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْ أَجَلِهِ وَلَا يَتَقَدَّمُ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ، وَلِمَنْ لَهُ الدَّيْنُ تَرْكُ قَبْضِهِ فِي مَحِلِّهِ، وَذَلِكَ إلَى اخْتِيَارِهِ، فَإِذَا وَعَدَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ الْفِعْلِ، فَلَهُ ذَلِكَ.

[فَصْلٌ صَالَحَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ]
(8824) فَصْلٌ: وَإِنْ صَالَحَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، مِثْلُ أَنْ يُصَالِحَهُ عَنْ النُّقُودِ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ، جَازَ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى شَيْءٍ مُؤَجَّلٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعَ دَيْنٍ بِدِينِ. وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ الدَّرَاهِمِ بِدَنَانِيرَ، أَوْ عَنْ الْحِنْطَةِ بِشَعِيرٍ، لَمْ يَجُزْ التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ، فَيُشْتَرَطُ لَهُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَصِحَّ هَذِهِ الْمُصَالَحَةُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ مِنْ شَرْطِهِ التَّأْجِيلُ، فَلَمْ تَجُزْ الْمُصَالَحَةُ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ دَيْنٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، فَهُوَ كَدَيْنِ السَّلَمِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يَجْرِي الرِّبَا بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَسَيِّدِهِ. فَعَلَى قَوْلِهِ، تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ كَيْفَمَا كَانَتْ، كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ بَيْن الْعَبْدِ الْقِنِّ وَسَيِّدِهِ. وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيُفَارِقُ دَيْنُ الْكِتَابَةِ دَيْنَ السَّلَمِ؛ فَإِنَّهُ يُفَارِقُ سَائِرَ الدُّيُونِ بِمَا ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَمُفَارَقَتُهُ لِدَيْنِ السَّلَمِ أَعْظَمُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَكَاتَبَ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُؤَدِّ كُلَّ كِتَابَتِهِ حَتَّى أَعْتَقَ الْآخَرُ وَهُوَ مُوسِرٌ]
(8825) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَكَاتَبَ أَحَدَهُمَا، فَلَمْ يُؤَدِّ كُلَّ كِتَابَتِهِ حَتَّى أَعْتَقَ الْآخَرُ، وَهُوَ مُوسِرٌ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 450
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست