responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 451
فَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ كُلُّهُ حُرًّا، وَيَرْجِعُ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ، أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ كِتَابَةُ نَصِيبِهِ مِنْهُ، بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَيَبْقَى سَائِرُهُ غَيْرَ مُكَاتَبٍ، فَإِذَا فَعَلَ هَذَا، فَأَعْتَقَ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَهُوَ مُوسِرٌ، عَتَقَ، وَسَرَى الْعِتْقُ إلَى بَاقِيه، فَصَارَ كُلُّهُ حُرًّا، وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْهُ، وَيَكُونُ الرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ مُكَاتَبًا، يَبْقَى عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا أَتْلَفَ، وَإِنَّمَا أَتْلَفَ مُكَاتَبًا. وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا، لَمْ يَسْرِ الْعِتْقُ عَلَى مَا مَضَى فِي بَابِ الْعِتْقِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي: لَا يَسْرِي الْعِتْقُ فِي الْحَالِ، لَكِنْ يُنْظَرُ؛ فَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ عَتَقَ بَاقِيهِ بِالْكِتَابَةِ، وَكَانَ وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ فُسِخَتْ كِتَابَتُهُ لِعَجْزِهِ، سَرَى الْعِتْقُ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْعِتْقِ فِي الْحَالِ مُفْضِيَةٌ إلَى إبْطَالِ الْوَلَاءِ الَّذِي انْعَقَدَ سَبَبُهُ، وَنَقْلِهِ عَنْ الْمُكَاتِبِ إلَى غَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: عِتْقُ الشَّرِيكِ مَوْقُوفٌ حَتَّى يُنْظَرَ مَا يَصْنَعُ فِي الْكِتَابَةِ، فَإِنْ أَدَّاهَا، عَتَقَ، وَكَانَ الْمُكَاتِبُ ضَامِنًا لَقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَوَلَاؤُهُ كُلُّهُ لِلْمُكَاتِبِ. وَإِنْ عَجَزَ، سَرَى عِتْقُ الشَّرِيكِ، وَضَمِنَ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِلْمُكَاتِبِ، وَكَانَ وَلَاؤُهُ كُلُّهُ لَهُ. وَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَلَا يُجَوِّزُ كِتَابَةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ شَرِيكُهُ، فَيَكُونَ فِيهِ قَوْلَانِ، فَإِذَا كَاتَبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ فَهَلْ يَسْرِي فِي الْحَالِ، أَوْ يَقِفُ عَلَى الْعَجْزِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ» . وَهَذَا دَاخِلٌ فِي عُمُومِهِ، وَلِأَنَّهُ عِتْقٌ لَجُزْءٍ مِنْ الْعَبْدِ مُوسِرٍ، غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، فَسَرَى إلَى بَاقِيهِ، كَمَا لَوْ كَانَ قِنًّا، وَلِأَنَّ مُقْتَضَى السِّرَايَةِ مُتَحَقِّقٌ، وَالْمَانِعُ مِنْهَا لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مَانِعًا؛ فَإِنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا أَصْلَ لَهُ يُقَاسُ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ.
وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يُفْضِي إلَى إبْطَالِ الْوَلَاءِ. قُلْنَا: إذَا كَانَ الْعِتْقُ يُؤَثِّرُ فِي إبْطَالِ الْمِلْكِ الثَّابِتِ الْمُسْتَقِرِّ، الَّذِي الْوَلَاءُ مِنْ بَعْضِ آثَارِهِ، فَلَأَنْ يُؤَثِّرَ فِي نَقْلِ الْوَلَاءِ بِمُفْرَدِهِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ أَوْلَادٌ مِنْ مُعْتَقَةِ قَوْمٍ، نَقَلَ وَلَاءَهُمْ إلَيْهِ، فَإِذَا نَقَلَ وَلَاءَهُمْ الثَّابِتَ بِإِعْتَاقِ غَيْرِهِمْ، فَلَأَنْ يَنْقُلَ وَلَاءً لَمْ يَثْبُتْ بَعْدُ بِإِعْتَاقِ مَنْ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ نَقَلَ الْوَلَاءَ ثَمَّ عَمَّنْ لَمْ يَغْرَمْ لَهُ عِوَضًا، فَلَأَنْ يَنْقُلَهُ بِالْعِوَضِ أَوْلَى، فَانْتِقَالُ الْوَلَاءِ فِي مَوْضِعِ جَرِّ الْوَلَاءِ، يُنَبِّهُ عَلَى سِرَايَةِ الْعِتْقِ. وَانْتِقَالِ الْوَلَاءُ إلَى الْمُعْتِقِ؛ لِكَوْنِهِ أَوْلَى مِنْهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا، أَنَّ الْوَلَاءَ ثَمَّ ثَابِتٌ، وَهَا هُنَا بِعَرَضِ الثُّبُوتِ. وَالثَّانِي، أَنَّ النَّقْلَ حَصَلَ ثَمَّ بِإِعْتَاقِ غَيْرِهِ، وَهَا هُنَا بِإِعْتَاقِهِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 451
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست