responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 390
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، كَقَوْلِنَا.
وَالثَّانِي، الْوَلَاءُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِمَوْرُوثِهِمَا، فَكَانَ لَهُمَا بِالْمِيرَاثِ. وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَاهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَا يُمْنَعُ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْأَبِ، وَاخْتِصَاصُ أَحَدِ الِابْنَيْنِ بِهِ، كَمَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا دَيْنًا لِأَبِيهِ عَلَى إنْسَانٍ، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ، وَيَخْتَصُّ بِهِ دُونَ أَخِيهِ، وَإِنْ كَانَ يَرِثُهُ عَنْ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَيَاهُ مَعًا، وَأَقَامَا بِهِ شَاهِدًا وَاحِدًا، فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا مَعَ الشَّاهِدِ، وَأَبَى الْآخَرُ. فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ، عَتَقَ، وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ، إنْ كَانَ مُوسِرًا. وَهَذَا قَوْلُ الْخِرَقِيِّ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، وَأُعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ» . وَلِأَنَّهُ مُوسِرٌ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ، فَسَرَى إلَى بَاقِيهِ، كَغَيْرِ الْمُكَاتَبِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي: لَا تَعْتِقُ إلَّا حِصَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ الْمُقِرَّ، فَهُوَ مُنَفِّذٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْكِرَ، لَمْ يَصِرْ إلَى نَصِيبِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ لِغَيْرِهِ، وَفِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَيْهِ إبْطَالُ سَبَبِ الْوَلَاءِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ.

[مَسْأَلَةٌ مَنْعُ الْمُكَاتَبِ مِنْ السَّفَرِ]
(8728) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يُمْنَعُ الْمُكَاتَبُ مِنْ السَّفَرِ) . وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ، قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا. وَهَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ. وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَغَيْرِهِ، لَكِنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ سَفَرٍ تَحِلُّ نُجُومُ كِتَابَتِهِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ اسْتِيفَاءُ النُّجُومِ فِي وَقْتِهَا، وَالرُّجُوعُ فِي وَقْتِهِ عِنْدَ عَجْزِهِ فَمُنِعَ مِنْهُ، كَالْغَرِيمِ الَّذِي يَحِلُّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَبْلَ مُدَّةِ سَفَرِهِ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ: فِي مَوْضِعٍ: لَهُ السَّفَرُ.
وَفِي قَوْلٍ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: فِيهَا قَوْلَانِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ، إنَّمَا هِيَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ؛ فَالْمَوْضِعُ الَّذِي قَالَ: لَهُ السَّفَرُ. إذَا كَانَ قَصِيرًا؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي مَنَعَ مِنْهُ، إذَا كَانَ بَعِيدًا، يَتَعَذَّرُ مَعَهُ اسْتِيفَاءُ نُجُومِهِ، وَالرُّجُوعُ فِي رِقِّهِ عِنْدَ عَجْزِهِ.
وَلَنَا، أَنَّ الْمُكَاتَبَ فِي يَدِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأَشْبَهَ الْحُرَّ الْمَدِينَ، وَمَا ذَكَرُوهُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَيَبْطُلُ بِالْحُرِّ الْغَرِيمِ.

[فَصْلٌ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابَةِ أَنْ لَا يُسَافِرَ]
(8729) فَصْلٌ: فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابَةِ أَنْ لَا يُسَافِرَ، فَقَالَ الْقَاضِي: الشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، فَلَمْ يَصِحَّ شَرْطُهُ، كَشَرْطِ تَرْكِ الِاكْتِسَابِ، وَلِأَنَّهُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 390
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست