responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 35
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَيِّنًا جَازَ لَهُ أَخْذُ الرِّزْقِ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَعَيَّنَ لَمْ يَجُزْ إلَّا مَعَ الْحَاجَةِ. وَالصَّحِيحُ جَوَازُ أَخْذِ الرِّزْقِ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا وَلِي الْخِلَافَةَ، فَرَضُوا لَهُ الرِّزْقَ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ. وَلِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ عُمَرَ رَزَقَ زَيْدًا وَشُرَيْحًا وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَمَرَ بِفَرْضِ الرِّزْقِ لِمَنْ تَوَلَّى مِنْ الْقُضَاةِ، وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَجُزْ فَرْضُ الرِّزْقِ لَتَعَطَّلَ، وَضَاعَتْ الْحُقُوقُ.
فَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يَنْبَغِي لِقَاضِي الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ فِي أَهْلِ الْقُرْبَةِ، فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُهُ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ، وَلِأَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي رِزْقٌ، فَقَالَ لِلْخَصْمَيْنِ: لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا حَتَّى تَجْعَلَا لِي رِزْقًا عَلَيْهِ. جَازَ. وَيَحْتَمِلَ أَنْ لَا يَجُوزَ.

[فَصْلٌ الْإِمَامُ يَبْعَثُ الْقُضَاةَ إلَى الْأَمْصَارِ غَيْرِ بَلَدِهِ]
(8219) فَصْلٌ: وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي بَلَدٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ الْقُضَاةَ إلَى الْأَمْصَارِ غَيْرِ بَلَدِهِ؛ «فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عَلِيًّا قَاضِيًا إلَى الْيَمَنِ، وَبَعَثَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إلَى الْيَمَنِ أَيْضًا. وَقَالَ لَهُ: بِمَ تَحْكُمُ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
وَبَعَثَ عُمَرُ شُرَيْحًا عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ وَكَعْبَ بْنَ سَوَّارٍ عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ. وَكَتَبَ إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٍ يَأْمُرُهُمَا بِتَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ فِي الشَّامِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ كُلِّ بَلَدٍ يَحْتَاجُونَ إلَى الْقَاضِي، وَلَا يُمْكِنُهُمْ الْمَصِيرُ إلَى بَلَدِ الْإِمَامِ، وَمَنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ شَقَّ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ إغْنَاؤُهُمْ عَنْهُ.

[فَصْلٌ وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ تَوْلِيَةَ قَاضٍ]
(8220) فَصْلٌ: وَإِذَا أَرَادَ الْإِمَامُ تَوْلِيَةَ قَاضٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ خِبْرَةٌ بِالنَّاسِ وَيَعْرِفُ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، وَلَّاهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ، سَأَلَ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِالنَّاسِ، وَاسْتَرْشَدَهُمْ عَلَى مَنْ يَصْلُحُ. وَإِنْ ذُكِرَ لَهُ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُهُ، أَحْضَرَهُ وَسَأَلَهُ، وَإِنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُ، وَإِلَّا بَحَثَ عَنْ عَدَالَتِهِ، فَإِذَا عَرَفَهَا وَلَّاهُ، وَيَكْتُبُ لَهُ عَهْدًا يَأْمُرُهُ فِيهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالتَّثَبُّتِ فِي الْقَضَاءِ، وَمُشَاوَرَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَتَصَفُّحِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ، وَتَأَمُّلِ الشَّهَادَاتِ، وَتَعَاهُدِ الْيَتَامَى، وَحِفْظِ أَمْوَالِهِمْ وَأَمْوَالِ الْوُقُوفِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مُرَاعَاتِهِ. ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي وَلَّاهُ قَضَاءَهُ بَعِيدًا، لَا يَسْتَفِيضُ إلَيْهِ الْخَبَرُ بِمَا يَكُونُ فِي بَلَدِ الْإِمَامِ، أَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمَا الْعَهْدَ، وَأَقْرَآهُ غَيْرَهُ بِحَضْرَتِهِ، وَأَشْهَدَهُمَا عَلَى تَوْلِيَتِهِ؛ لِيَمْضِيَا مَعَهُ إلَى بَلَدِ وِلَايَتِهِ، فَيُقِيمَا لَهُ الشَّهَادَةَ، وَيَقُولَ لَهُمَا: اشْهَدَا عَلَى أَنِّي قَدْ وَلَّيْتُهُ قَضَاءَ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ، وَتَقَدَّمْت إلَيْهِ بِمَا اشْتَمَلَ هَذَا الْعَهْدُ عَلَيْهِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست