responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 34
بْنُ حَامِدٍ: إنْ كَانَ رَجُلًا خَامِلًا، لَا يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ، وَلَا يُعْرَفُ فَالْأَوْلَى لَهُ تَوَلِّيهِ، لِيُرْجَعَ إلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ، وَيَقُومَ بِهِ الْحَقُّ، وَيَنْتَفِعَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، وَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا فِي النَّاسِ بِالْعِلْمِ، يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَالْفَتْوَى، فَالْأَوْلَى الِاشْتِغَالُ بِذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْعِ مَعَ الْأَمْنِ مِنْ الْغَرَرِ. وَنَحْوَ هَذَا قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالُوا أَيْضًا: إذَا كَانَ ذَا حَاجَةٍ، وَلَهُ فِي الْقَضَاءِ رِزْقٌ، فَالْأَوْلَى لَهُ الِاشْتِغَالُ بِهِ، فَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْمَكَاسِبِ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ طَلَبُهُ، وَالسَّعْيُ فِي تَحْصِيلِهِ؛ لِأَنَّ أَنَسًا رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ ابْتَغَى الْقَضَاءَ، وَسَأَلَ فِيهِ شُفَعَاءَ، وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ، أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ؛ فَإِنَّك إنْ أُعْطِيتهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الثَّالِثُ: مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، وَلَا يُوجَدُ سِوَاهُ، فَهَذَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ غَيْرُهُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، كَغُسْلِ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ سُئِلَ: هَلْ يَأْثَمُ الْقَاضِي إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا يَأْثَمُ.
فَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ، فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِضْرَارُ بِنَفْسِهِ لِنَفْعِ غَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ أَبُو قِلَابَةَ مِنْهُ، وَقَدْ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ غَيْرُك. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْقِيَامُ بِالْوَاجِبِ، لِظُلْمِ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِمٍ، أَتَذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ،.

[فَصْلٌ يَأْخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا]
(8218) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَخْذُ الرِّزْقِ، وَرَخَّصَ فِيهِ شُرَيْحٌ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَلَى الْقَضَاءِ، وَفَرَضَ لَهُ رِزْقًا. وَرَزَقَ شُرَيْحًا فِي كُلِّ شَهْرٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ. وَبَعَثَ إلَى الْكُوفَةِ عَمَّارًا وَعُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَرَزَقَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ شَاةً؛ نِصْفُهَا لِعَمَّارٍ وَنِصْفُهَا لِابْنِ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَاضِيَهُمْ وَمُعَلِّمَهُمْ. وَكَتَبَ إلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، حِينَ بَعَثَهُمَا إلَى الشَّامِ، أَنَّ اُنْظُرَا رِجَالًا مِنْ صَالِحِي مَنْ قِبَلَكُمْ، فَاسْتَعْمِلُوهُمْ عَلَى الْقَضَاءِ، وَأَوْسِعُوا عَلَيْهِمْ، وَارْزُقُوهُمْ، وَاكْفُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الرِّزْقِ مَعَ الْحَاجَةِ، فَأَمَّا مَعَ عَدَمِهَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا، وَإِنْ كَانَ فَبِقَدْرِ شُغْلِهِ، مِثْلَ وَالِي الْيَتِيمِ. وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ يَكْرَهَانِ الْأَجْرَ عَلَى الْقَضَاءِ. وَكَانَ مَسْرُوقٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَا يَأْخُذَانِ عَلَيْهِ أَجْرًا، وَقَالَا: لَا نَأْخُذُ أَجْرًا عَلَى أَنْ نَعْدِلَ بَيْنَ اثْنَيْنِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست