responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 343
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ صَرِيحَ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ، فَقَالَ أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ مُحَرَّرٌ، أَوْ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ، بَعْدَ مَوْتِي صَارَ مُدَبَّرًا. بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. فَأَمَّا إنْ قَالَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ قَدْ دَبَّرْتك. فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُدَبَّرًا بِنَفْسِ اللَّفْظِ، مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى نِيَّةٍ. وَهَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: فِيهِ قَوْلٌ آخَرُ، أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي التَّدْبِيرِ، وَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَفْظَانِ لَمْ يَكْثُرْ اسْتِعْمَالُهُمَا، فَافْتَقَرَا إلَى النِّيَّةِ، كَالْكِنَايَاتِ.
وَلَنَا أَنَّهُمَا لَفْظَانِ وُضِعَا لِهَذَا الْعَقْدِ، فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى النِّيَّةِ، كَالْبَيْعِ، وَيُفَارِقُ الْكِنَايَاتِ؛ فَإِنَّهَا غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ لَهُ، وَيُشَارِكُهَا فِيهِ غَيْرُهَا، فَافْتَقَرَتْ إلَى النِّيَّةِ لِلتَّعْيِينِ، وَيُرَجَّحُ أَحَدُ الْمُحْتَمَلَيْنِ، بِخِلَافِ الْمَوْضُوعِ.

[فَصْل يَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ]
(8654) فَصْلٌ: وَيَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ. فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ. وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادٌ، وَمَالِكٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالثَّوْرِيُّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمَسْرُوقٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ فَيَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، كَالْعِتْقِ فِي الصِّحَّةِ، وَعِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ. وَلَنَا أَنَّهُ تَبَرُّعٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَكَانَ مِنْ الثُّلُثِ، كَالْوَصِيَّةِ، وَيُفَارِقُ الْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ غَيْرِ الْمُعْتِقِ فَيَنْفُذُ فِي الْجَمِيعِ، كَالْهِبَةِ الْمُنَجَّزَةِ. وَقَدْ نَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَلَيْسَ عَلَيْهَا عَمَلٌ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ أَحْمَدُ إلَى مَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ.

[فَصْل اجْتَمَعَ الْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ وَالتَّدْبِيرُ]
فَصْلٌ: وَإِنْ اجْتَمَعَ الْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ وَالتَّدْبِيرُ، قُدِّمَ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ. وَإِنْ اجْتَمَعَ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ، تَسَاوَيَا؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا عِتْقٌ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّمَ التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَقَعُ فِيهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَالْوَصِيَّةُ تَقِفُ عَلَى الْإِعْتَاقِ بَعْدَهُ.

[فَصْل أَنْوَاعُ التَّدْبِير]
. (8656) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ التَّدْبِيرُ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا؛ فَالْمُطْلَقُ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ آخَرَ، كَقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي. وَالْمُقَيَّدُ ضَرْبَانِ؛

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 343
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست