responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 344
أَحَدُهُمَا، خَاصٌّ، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا، أَوْ سَفَرِي هَذَا، أَوْ فِي بَلَدِي هَذَا، أَوْ عَامِي هَذَا، فَأَنْتَ حُرٌّ، فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى مَا قَالَ، إنْ مَاتَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي شَرَطَهَا عَتَقَ الْعَبْدُ، وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ. وَقَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ مُدَبَّرٌ الْيَوْمَ؟ قَالَ: يَكُونُ مُدَبَّرًا ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَإِنْ مَاتَ ذَلِكَ الْيَوْمَ صَارَ حُرًّا. يَعْنِي إذَا مَاتَ الْمَوْلَى.
الضَّرْبُ الثَّانِي، أَنْ يُعَلِّقَ التَّدْبِيرَ عَلَى صِفَةٍ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، فَأَنْتَ حُرٌّ مُدَبَّرٌ، أَوْ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي. فَهَذَا لَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ التَّدْبِيرَ عَلَى شَرْطٍ، فَإِذَا وُجِدَ، صَارَ مُدَبَّرًا، وَعَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، وَوُجِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ، لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الشَّرْطِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ يَقْتَضِي وُجُودَهُ فِي الْحَيَاةِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ عَلَّقَ عَلَيْهِ عِتْقًا مُنَجَّزًا، فَقَالَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ، فَأَنْتَ حُرٌّ. فَدَخَلَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، لَمْ يَعْتِقْ، وَكَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْ عَبْدِي. فَمَاتَ الْمُوَكِّلُ قَبْلَ بَيْعِهِ، بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ. وَلِأَنَّ الْمُدَبَّرَ مَنْ عَلَّقَ عِتْقُهُ بِالْمَوْتِ، وَهَذَا قَبْلَ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا، وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُ التَّدْبِيرِ.
وَإِنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي، فَأَنْتَ حُرٌّ. فَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَعْتِقُ. وَهُوَ قِيَاسُ الْمَنْصُوصِ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مُوتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ. فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ تُوجَدُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَعْتِقْ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ بَيْعِي إيَّاكَ، فَأَنْتَ حُرٌّ. وَلِأَنَّهُ إعْتَاقٌ لَهُ بَعْدَ قَرَارِ مِلْكِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَعْتِقْ كَالْمُنَجَّزِ. وَالثَّانِيَةُ، يَعْتِقُ. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَهُوَ مَذْهَبُ؛ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَصَّى بِإِعْتَاقِهِ، وَكَمَا لَوْ وَصَّى بِبَيْعِ سِلْعَةٍ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا، وَيُفَارِقُ التَّصَرُّفَ بَعْدَ الْبَيْعِ؛ فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى جَعَلَ لِلْإِنْسَانِ التَّصَرُّفَ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي ثُلُثِهِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْبَيْعِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَيُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ وَبَيْعَ السِّلْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَسْتَقِرُّ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ، وَلَا يَمْلِكُونَ التَّصَرُّفَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
وَقَوْلُهُمْ: حَصَلَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي ثُلُثِهِ. قُلْنَا: إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفًا يَثْبُتُ عَقِيبَ مَوْتِهِ، وَيَمْنَعُ انْتِقَالَهُ إلَى الْوَارِثِ، وَإِنْ ثَبَتَ لِلْوَارِثِ، فَهُوَ ثُبُوتٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَقَدْ قِيلَ: يَكُونُ مُرَاعًى، فَإِذَا قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ، تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ كَانَ لَهُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ. وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كَانَ لِلْوَارِثِ. فَعَلَى قَوْلِنَا: لَا يَعْتِقُ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ. لِلْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ، وَمَنْ صَحَّحَ هَذَا الشَّرْطَ، احْتَمَلَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست