responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 305
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَقُلْ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ، بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى وَجْهِهِ، وَكُلُّ قَوْلٍ يُخَالِفُ السُّنَّةَ، فَمَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ. وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. (8584)
فَصْلٌ: إذَا قُلْنَا بِالسِّعَايَةِ، احْتَمَلَ أَنْ لَا يَعْتِقَ كُلُّهُ، وَتَكُونَ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ دَيْنًا يُسْتَسْعَى فِي أَدَائِهَا، وَتَكُونَ أَحْكَامُهُ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ، فَإِنْ مَاتَ، وَفِي يَدِهِ مَالٌ، كَانَ لِسَيِّدِهِ بَقِيَّةُ السِّعَايَةِ، وَبَاقِي مَالِهِ مَوْرُوثٌ، وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى أَحَدٍ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَعْتِقَ حَتَّى يُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ، فَيَكُونَ حُكْمُهُ قَبْلَ أَدَائِهَا حُكْمَ مَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ إذَا مَاتَ، فَلِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ مِنْ مَالِهِ مِثْلُ مَا يَكُونُ لَهُ، عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالسِّعَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إعْتَاقٌ بِأَدَاءِ مَالٍ، فَلَمْ يَعْتِقْ قَبْلَ أَدَائِهِ، كَالْمُكَاتَبِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ: يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُعْتِقِ إذَا أَيْسَرَ؛ لِأَنَّهُ كَلَّفَهُ السِّعَايَةَ بِإِعْتَاقِهِ. وَلَنَا أَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَ الْعَبْدَ فِي مُقَابَلَةِ حُرِّيَّتِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، كَمَالِ الْكِتَابَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بِهِ عَلَى السَّيِّدِ، لَكَانَ هُوَ السَّاعِيَ فِي الْعِوَضِ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْمُعْتِقُ الثَّانِي مُعْسِرًا]
(8585) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ الثَّانِي مُعْسِرًا، عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْهُ، وَكَانَ ثُلُثُهُ رَقِيقًا لِمَنْ لَمْ يُعْتِقْ، فَإِنْ مَاتَ وَفِي يَدِهِ مَالٌ كَانَ ثُلُثُهُ لِمَنْ لَمْ يُعْتِقْ، وَثُلُثَاهُ لِلْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ وَالْمُعْتِقِ الثَّانِي بِالْوَلَاءِ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَحَقُّ مِنْهُمَا) إنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ لَا يُعْتِقُ إلَّا نَصِيبَهُ، وَالْأَوَّلُ وَالثَّانِي مُعْسِرَانِ، فَلَمْ يَعْتِقْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا نَصِيبُهُ، وَنَصِيبهُمَا الثُّلُثَانِ، وَبَقِيَ ثُلُثُهُ رَقِيقًا لِلثَّالِثِ، فَإِذَا خَلَّفَ الْعَبْدُ مَالًا، فَثُلُثُهُ لِلَّذِي لَمْ يُعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِثُلُثِهِ، وَثُلُثَاهُ مِيرَاثٌ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُمَا بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ نَسِيبٌ، يَرِثُ مَالَهُ كُلَّهُ، أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ الْمُعْتِقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ نَسِيبٌ فَهُوَ لِلْمُعْتِقَيْنِ بِالْوَلَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ذُو فَرْضٍ يَرِثُ الْبَعْضَ، أَخَذَ فَرْضَهُ مِنْهُ، وَبَاقِيه لِلْمُعْتِقَيْنِ.
وَهَذَا الْقَوْلُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُ ثُلُثِهِ قَاسَمَ الْعَبْدَ فِي حَيَاتِهِ كَسْبَهُ، وَلَمْ يُهَايِئْهُ، فَأَمَّا إنْ قَاسَمَهُ، أَوْ هَايَأَهُ، فَلَا حَقَّ لَهُ فِي تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِالْجُزْءِ الْحُرِّ، فَتَكُونُ جَمِيعُهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، دُونَ مَالِكِ ثُلُثِهِ، إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْجُزْءِ الْحُرِّ، فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ فِيمَا كَسَبَهُ بِهِ، وَلَا فِيمَا مَلَكَهُ بِهِ.

[فَصْلٌ مَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ سِعَايَتِهِ]
(8586) فَصْلٌ: وَمَنْ قَالَ بِالسِّعَايَةِ، فَإِنَّهُ يَسْتَسْعِي حِينَ أَعْتَقَهُ الْأَوَّلُ، فَإِذَا أَعْتَقَ الثَّانِي نَصِيبَهُ، انْبَنَى ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ فِي حُرِّيَّتِهِ، هَلْ حَصَلَتْ بِإِعْتَاقِ الْأَوَّلِ أَوَّلًا؟ فَمَنْ جَعَلَهُ حُرًّا، لَمْ يُصَحِّحْ عِتْقَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِإِعْتَاقِ الْأَوَّلِ؛ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ حُرًّا، صَحَّحَ عِتْقَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ جُزْءًا مَمْلُوكًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ. وَإِذَا مَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ سِعَايَتِهِ فَقَدْ مَاتَ وَثُلُثُهُ رَقِيقٌ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي الْمِيرَاثِ كَحُكْمِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست