responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 304
الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ لِنَصِيبِ صَاحِبِهِ بِإِعْتَاقِهِ، فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ فِي ذِمَّتِهِ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِقَتْلِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَسْرِي الْعِتْقُ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِهِ إعْتَاقُ النَّصِيبِ الْبَاقِي، فَيُتَخَيَّرُ شَرِيكُهُ بَيْنَ إعْتَاقِ نَصِيبِهِ، وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ أَنْ يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ، فَإِذَا أَدَّاهُ إلَيْهِ عَتَقَ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا.
وَلَنَا، حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ، وَلِأَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ إعْتَاقٌ بِعِوَضٍ، فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، كَالْكِتَابَةِ، وَلِأَنَّ فِي الِاسْتِسْعَاءِ إضْرَارًا بِالشَّرِيكِ وَالْعَبْدِ؛ أَمَّا الشَّرِيكُ فَإِنَّا نُحِيلُهُ عَلَى سِعَايَةٍ لَعَلَّهُ لَا يَحْصُلُ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلًا، وَإِنْ حَصَلَ فَرُبَّمَا يَكُونُ يَسِيرًا مُتَفَرِّقًا، وَيَفُوتُ عَلَيْهِ مِلْكُهُ، وَأَمَّا الْعَبْدُ، فَإِنَّا نُجْبِرُهُ عَلَى سِعَايَةٍ لَمْ يُرِدْهَا، وَكَسْبٍ لَمْ يَخْتَرْهُ، وَهَذَا ضَرَرٌ فِي حَقِّهِمَا، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» . قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: أَلَيْسَ إنَّمَا أُلْزِمَ الْمُعْتِقُ ثَمَنَ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ، لِئَلَّا يَدْخُلَ عَلَى شَرِيكِهِ ضَرَرٌ، فَإِذَا أَمَرَهُ بِالسَّعْيِ، وَإِعْطَائِهِ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمَيْنِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَمَلُّكِهِ، فَأَيُّ ضَرَرٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا، فَأَمَّا حَدِيثُ الِاسْتِسْعَاءِ، فَقَالَ الْأَثْرَمُ: ذَكَرَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، فَطَعَنَ فِيهِ، وَضَعَّفَهُ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَيْسَ فِي الِاسْتِسْعَاءِ مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْوِيه ابْنُ أَبِي عُرْوَةَ.
وَأَمَّا شُعْبَةُ، وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ. فَلَمْ يَذْكُرَاهُ. وَحَدَّثَ بِهِ مَعْمَرٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ السِّعَايَةَ. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَمَّامٌ أَيْضًا لَا يَقُولُهُ. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: وَضَعَّفَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثَ سَعِيدٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَصِحُّ حَدِيثُ الِاسْتِسْعَاءِ. وَذَكَرَ هَمَّامٌ أَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِسْعَاءِ مِنْ فُتْيَا قَتَادَةَ، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلِ قَتَادَةَ. وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَدُورُ عَلَى قَتَادَةَ، وَقَدْ اتَّفَقَ شُعْبَةُ، وَهِشَامٌ، وَهَمَّامٌ، عَلَى تَرْكِ ذِكْرِهِ، وَهُمْ الْحُجَّةُ فِي قَتَادَةَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ فِيهِ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إذَا خَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ. فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَوْلُ صَاحِبَيْهِ الْأَخِيرُ، فَلَا شَيْءَ مَعَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِهِ مِنْ حَدِيثٍ قَوِيٍّ وَلَا ضَعِيفٍ، بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ رَأْيٍ وَتَحَكُّمٍ يُخَالِفُ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 304
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست