responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 295
أَنْتَ لِلَّهِ. إذَا نَوَى؛ الشَّعْبِيُّ، وَالْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ، وَحَمَّادٌ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَعْتِقُ بِهِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ، أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ. وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ.
وَلَنَا، أَنَّهُ يَحْتَمِلُ: أَنَّهُ حُرٌّ لِلَّهِ، أَوْ عَتِيقٌ لِلَّهِ، أَوْ عَبْدٌ لِلَّهِ وَحْدَهُ، لَسْت بِعَبْدِ لِي وَلَا لَأَحَدٍ سِوَى اللَّهِ. فَإِذَا نَوَى الْحُرِّيَّةَ بِهِ، وَقَعَتْ، كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ. وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَهُ لِمَا ذَكَرُوهُ لَا يَمْنَعُ احْتِمَالَهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، بِدَلِيلِ سَائِرِ الْكِنَايَاتِ، فَإِنَّهَا تَحْتَمِلُ الْعِتْقَ وَغَيْرَهُ، وَلَوْ لَمْ تَحْتَمِلْ إلَّا الْعِتْقَ لَكَانَتْ صَرِيحَةً فِيهِ، وَمَا يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ، انْصَرَفَ إلَى أَحَدِهِمَا بِالنِّيَّةِ، وَهَذَا شَأْنُ الْكِنَايَاتِ. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الِاحْتِمَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كِنَايَةٌ. وَقَوْلُهُ: لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك، وَلَا رِقَّ لِي عَلَيْك. خَبَرٌ عَنْ انْتِفَاءِ مِلْكِهِ وَرِقِهِ، لَمْ يَرِدْ بِهِ شَرْعٌ، وَلَا عُرْفُ اسْتِعْمَالٍ فِي الْعِتْقِ، فَلَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِيهِ، كَقَوْلِهِ: مَا أَنْتَ عَبْدِي، وَلَا مَمْلُوكِي. وَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ: مَا أَنْتِ امْرَأَتِي، وَلَا زَوْجَتِي.

[فَصْل قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَنْوِي الْعِتْقَ بِهِ]
(8569) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ يَنْوِي الْعِتْقَ بِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا تَعْتِقُ بِهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَفْظٌ وُضِعَ لِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ الْمِلْكُ عَنْ الرَّقَبَةِ، كَفَسْخِ الْإِجَارَةِ، وَلِأَنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ لَا يُسْتَدْرَكُ بِالرَّجْعَةِ، فَلَا يَنْحَلُّ بِالطَّلَاقِ، كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، هُوَ كِنَايَةٌ تَعْتِقُ بِهِ الْأَمَةُ إذَا نَوَى الْعِتْقَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ أَحَدُ الْمِلْكَيْنِ عَلَى الْآدَمِيِّ، فَيَزُولُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، كَالْآخَرِ، أَوْ فَيَكُونُ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِإِزَالَةِ أَحَدِهِمَا كِنَايَةً فِي إزَالَةِ الْآخَرِ، كَالْحُرِّيَّةِ فِي إزَالَةِ النِّكَاحِ، وَلِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ، فَإِذَا نَوَى بِهِ إطْلَاقَهَا مِنْ مِلْكِهِ، فَقَدْ نَوَى بِلَفْظِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ، فَتَحْصُلُ بِهِ الْحُرِّيَّةُ، كَسَائِرِ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ.

[فَصْلٌ قَالَ لِأَكْبَرِ مِنْهُ أَوْ لِمَنْ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ هَذَا ابْنِي]
(8570) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ لِأَكْبَرَ مِنْهُ، أَوْ لِمَنْ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ: هَذَا ابْنِي. مِثْلُ أَنْ يَقُولَ مَنْ لَهُ عِشْرُونَ سَنَةً لِمَنْ لَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً: هَذَا ابْنِي. لَمْ يَعْتِقْ، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبَهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَعْتِقُ. وَخَرَّجَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَجْهًا لَنَا؛ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِمَا تَثْبُتُ بِهِ حُرِّيَّتُهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا. وَلَنَا أَنَّهُ قَوْلٌ يَتَحَقَّقُ كَذِبُهُ فِيهِ، فَلَمْ تَثْبُتْ بِهِ الْحُرِّيَّةُ، كَمَا لَوْ قَالَ لَطِفْلٍ: هَذَا أَبِي. أَوْ لِطِفْلَةِ: هَذِهِ أُمِّي. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هَذَا مِنْ قَوْلِ النُّعْمَانِ شَاذٌّ، لَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ إلَيْهِ، وَلَا تَبِعَهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُحَالٌ مِنْ الْكَلَامِ، وَكَذِبٌ يَقِينًا، وَلَوْ جَازَ هَذَا، لَجَازَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لَطِفْلٍ: هَذَا أَبِي.
وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ، وَهِيَ أَسَنُّ مِنْهُ: هَذِهِ ابْنَتِي. أَوْ قَالَ لَهَا، وَهُوَ أَسَنُّ مِنْهَا: هَذِهِ أُمِّي. لَمْ تَطْلُقْ، كَذَا هَذَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 295
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست