responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 180
هَذِهِ الزِّيَادَةُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ غَلَطِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى خَطَئِهِ قَبُولُ شَهَادَةِ كُلِّ مَحْدُودٍ فِي غَيْرِ الْقَذْفِ بَعْدَ تَوْبَتِهِ، ثُمَّ لَوْ قُدِّرَ صِحَّتُهُ، فَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَمْ يَتُبْ، بِدَلِيلِ: كُلُّ مَحْدُودٍ تَائِبٌ سِوَى هَذَا.
وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي فَدَلِيلُنَا فِيهِ الْآيَةُ، فَإِنَّهُ رَتَّبَ عَلَى رَمْيِ الْمُحْصَنَاتِ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ؛ إيجَابُ الْجَلْدِ، وَرَدُّ الشَّهَادَةِ، وَالْفِسْقُ، فَيَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ رَدُّ الشَّهَادَةِ بِوُجُودِ الرَّمْيِ الَّذِي لَمْ يُمْكِنْهُ تَحْقِيقُهُ، كَالْجَلْدِ؛ وَلِأَنَّ الرَّمْيَ هُوَ الْمَعْصِيَةُ وَالذَّنْبُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعُقُوبَةَ، وَتَثْبُتُ بِهِ الْمَعْصِيَةُ الْمُوجِبَةُ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ، وَالْحَدُّ كَفَّارَةٌ وَتَطْهِيرٌ، فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ رَدِّ الشَّهَادَةِ بِهِ، وَإِنَّمَا الْجَلْدُ، وَرَدُّ الشَّهَادَةِ حُكْمَانِ لِلْقَذْفِ، فَيَثْبُتَانِ جَمِيعًا بِهِ، وَتَخَلُّفُ اسْتِيفَاء أَحَدِهِمَا، لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْآخَرِ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالْجَلْدِ.
لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْجَلْدَ حُكْمُ الْقَذْفِ الَّذِي تَعَذَّرَ تَحْقِيقُهُ، فَلَا يُسْتَوْفَى قَبْلَ تَحَقُّقِ الْقَذْفِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَوْفَى حَدٌّ قَبْلَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ، وَيَصِيرُ مُتَحَقِّقًا بَعْدَهُ؟ هَذَا بَاطِلٌ.

(8398) فَصْلٌ: وَالْقَاذِفُ فِي الشَّتْمِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَرِوَايَتُهُ حَتَّى يَتُوبَ، وَالشَّاهِدُ بِالزِّنَى إذَا لَمْ تَكْمُلْ الْبَيِّنَةُ، تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ دُونَ شَهَادَتِهِ. وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُرَدُّ. وَلَنَا، أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَةَ أَبِي بَكْرَةَ، وَقَالَ لَهُ: تُبْ، أَقْبَلْ شَهَادَتَك. وَرِوَايَتُهُ مَقْبُولَةٌ، وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي قَبُولِ رِوَايَة أَبِي بَكْرَةَ، مَعَ رَدِّ عُمَرَ شَهَادَتَهُ.

[مَسْأَلَة تَوْبَةُ الْقَاذِف الْمَمْنُوع مِنْ الشَّهَادَة]
(8399) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَتَوْبَتُهُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ. ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ، أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاذِفِ إكْذَابُ نَفْسِهِ، فَيَقُولُ: كَذَبْت فِيمَا قُلْت. وَهَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتِيَارُ الْإِصْطَخْرِيِّ مِنْ أَصْحَابِهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ، فِي قَوْله تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 5] . قَالَ: تَوْبَتُهُ إكْذَابُ نَفْسِهِ» .
وَلِأَنَّ عِرْضَ الْمَقْذُوفِ تَلَوَّثَ بِقَذْفِهِ، فَإِكْذَابُهُ نَفْسَهُ يُزِيلُ ذَلِكَ التَّلْوِيثَ، فَتَكُونُ التَّوْبَةُ بِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْقَذْفَ إنْ كَانَ سَبًّا، فَالتَّوْبَةُ مِنْهُ إكْذَابُ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ شَهَادَةً، فَالتَّوْبَةُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: الْقَذْفُ حَرَامٌ بَاطِلٌ، وَلَنْ أَعُودَ إلَى مَا قُلْت. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. قَالَ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا، فَلَا يُؤْمَرُ بِالْكَذِبِ، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ إكْذَابٍ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست