responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 147
وَلِأَنَّ فِسْقَهُمْ لَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِمْ؛ لِكَوْنِهِمْ ذَهَبُوا إلَى ذَلِكَ تَدَيُّنًا وَاعْتِقَادًا أَنَّهُ الْحَقُّ، وَلَمْ يَرْتَكِبُوهُ عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِهِ، بِخِلَافِ فِسْقِ الْأَفْعَالِ.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، أَنَّ الْفِسْقَ الَّذِي يَتَدَيَّنُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ لَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ جَوَازُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْقَدَرِيِّ، إذَا لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً، فَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْفِسْقِ، فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، كَالنَّوْعِ الْآخَرِ؛ وَلِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ فَاسِقٌ، فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ، لِلْآيَةِ وَالْمَعْنَى. الشَّرْطُ الْخَامِسُ، أَنْ يَكُونَ مُتَيَقِّظًا حَافِظًا لَا يَشْهَدُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مُغَفَّلًا، أَوْ مَعْرُوفًا بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ
الشَّرْطُ السَّادِسُ، أَنْ يَكُونَ ذَا مُرُوءَةٍ. الشَّرْطُ السَّابِعُ، انْتِفَاءُ الْمَوَانِعِ. وَسَنَشْرَحُ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي مَوَاضِعِهَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْل شَهَادَةَ الْبَدَوِيِّ عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ]
(8359) فَصْلٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ شَهَادَةَ الْبَدَوِيِّ عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، وَشَهَادَةَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ عَلَى الْبَدَوِيِّ، صَحِيحَةٌ إذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: أَخْشَى أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى صَاحِبِ الْقَرْيَةِ. فَيَحْتَمِلَ هَذَا أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ. وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَمَذْهَبُ أَبِي عُبَيْدٍ. وَقَالَ مَالِكٌ كَقَوْلِ أَصْحَابِنَا، فِيمَا عَدَا الْجِرَاحَ، وَكَقَوْلِ الْبَاقِينَ فِي الْجِرَاحِ احْتِيَاطًا لِلدِّمَاءِ.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، فِي " سُنَنِهِ "، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ» . وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ، حَيْثُ عَدَلَ عَنْ أَنْ يُشْهِدَ قَرَوِيًّا وَيُشْهِدَ بَدَوِيًّا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا أَرَى شَهَادَتَهُمْ رُدَّتْ إلَّا لِمَا فِيهِمْ مِنْ الْجَفَاءِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْجَفَاءِ فِي الدِّينِ. وَلَنَا، أَنَّ مَنْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى أَهْلِ الْبَدْوِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ، كَأَهْلِ الْقُرَى، وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست