responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 146
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَا يُؤْسَرُ رَجُلٌ بِغَيْرِ الْعُدُولِ. وَلِأَنَّ دِينَ الْفَاسِقِ لَمْ يَزَعْهُ عَنْ ارْتِكَابِ مَحْظُورَاتِ الدِّينِ، فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ لَا يَزَعَهُ عَنْ الْكَذِبِ، فَلَا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِخَبَرِهِ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا، فَالْفُسُوقُ نَوْعَانِ؛ أَحَدُهُمَا، مِنْ حَيْثُ الْأَفْعَالُ؛ فَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ. وَالثَّانِي، مِنْ جِهَةِ الِاعْتِقَادِ، وَهُوَ اعْتِقَادُ الْبِدْعَةِ، فَيُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ أَيْضًا. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَشَرِيكٌ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ شَرِيكٌ: أَرْبَعَةٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ؛ رَافِضِيٌّ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ إمَامًا مُفْتَرَضَةً طَاعَتُهُ. وَخَارِجِيٌّ يَزْعُمُ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ حَرْبٍ. وَقَدَرِيٌّ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَشِيئَةَ إلَيْهِ. وَمُرْجِئٌ. وَرَدَّ شَهَادَةَ يَعْقُوبَ، وَقَالَ: أَلَا أَرُدُّ شَهَادَةَ مِنْ يَزْعُمُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ مِنْ الْإِيمَانِ؟
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ، مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: الْمُخْتَلِفُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ ضَرْبٌ اخْتَلَفُوا فِي الْفُرُوعِ، فَهَؤُلَاءِ لَا يَفْسُقُونَ بِذَلِكَ، وَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي الْفُرُوعِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ. الثَّانِي، مَنْ نُفَسِّقُهُ وَلَا نُكَفِّرُهُ، وَهُوَ مَنْ سَبَّ الْقَرَابَةَ، كَالْخَوَارِجِ، أَوْ سَبَّ الصَّحَابَةَ، كَالرَّوَافِضِ، فَلَا تُقْبَلُ لَهُمْ شَهَادَةٌ لِذَلِكَ. الثَّالِثُ، مَنْ نُكَفِّرُهُ، وَهُوَ مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، وَنَفْيِ الرُّؤْيَةِ، وَأَضَافَ الْمَشِيئَةَ إلَى نَفْسِهِ، فَلَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يُعْلَى مِثْلَ هَذَا سَوَاءً.
قَالَ: وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا تُعْجِبُنِي شَهَادَةُ الْجَهْمِيَّةِ، وَالرَّافِضَةِ، وَالْقَدَرِيَّةِ الْمُعْلِنَةِ. وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، قَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ. وَأَجَازَ سَوَّارٌ شَهَادَةَ نَاسٍ مِنْ بَنِي الْعَنْبَرِ، مِمَّنْ يَرَى الِاعْتِزَالَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَرَى الشَّهَادَةَ بِالْكَذِبِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، كَالْخَطَّابِيَّةِ، وَهُمْ أَصْحَابُ أَبِي الْخَطَّابِ. يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِتَصْدِيقِهِ. وَوَجْهُ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ شَهَادَتَهُمْ، أَنَّهُ اخْتِلَافٌ لَمْ يُخْرِجْهُمْ عَنْ الْإِسْلَامِ، أَشْبَهَ الِاخْتِلَافَ فِي الْفُرُوعِ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست