responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 145
فَغَرِقَ مِنَّا غُلَامٌ. فَشَهِدَ الثَّلَاثَةُ عَلَى الِاثْنَيْنِ أَنَّهُمَا غَرَّقَاهُ، وَشَهِدَ الِاثْنَانِ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَنَّهُمْ غَرَّقُوهُ، فَجَعَلَ عَلَى الِاثْنَيْنِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ، وَجَعَلَ عَلَى الثَّلَاثَةِ خُمُسَيْهَا. وَقَضَى بِنَحْوِ هَذَا مَسْرُوقٌ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تُقْبَلُ فِي شَيْءٍ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] . وَقَالَ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] .
وَقَالَ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] . وَالصَّبِيُّ مِمَّنْ لَا يُرْضَى. وَقَالَ: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] . فَأَخْبَرَ أَنَّ الشَّاهِدَ الْكَاتِمَ لِشَهَادَتِهِ آثِمٌ، وَالصَّبِيُّ لَا يَأْثَمُ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَاهِدِ؛ وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَخَافُ مِنْ مَأْثَمِ الْكَذِبِ، فَيَزَعُهُ عَنْهُ، وَيَمْنَعُهُ مِنْهُ، فَلَا تَحْصُلُ الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْإِقْرَارِ، لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، كَالْمَجْنُونِ، يُحَقِّقُ هَذَا أَنَّ الْإِقْرَارَ أَوْسَعُ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْمَرْأَةِ، وَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ مِنْهُمْ، وَلِأَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْمَالِ، لَا تُقْبَلُ فِي الْجِرَاحِ، كَالْفَاسِقِ، وَمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمِثْلِهِ، لَا تُقْبَلُ عَلَى مِثْلِهِ، كَالْمَجْنُونِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ، الْعَدَالَةُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] . وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ لِذَلِكَ، وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] . فَأَمَرَ بِالتَّوَقُّفِ عَنْ نَبَأِ الْفَاسِقِ، وَالشَّهَادَةُ نَبَأٌ، فَيَجِبُ التَّوَقُّفُ عَنْهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا مَحْدُودٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ» . رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ لَا يَرَاهُ خَصَّ الْخَائِنَ وَالْخَائِنَةَ أَمَانَاتِ النَّاسِ، بَلْ جَمِيعُ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ الْقِيَامُ بِهِ أَوْ اجْتِنَابُهُ، مِنْ صَغِيرِ ذَلِكَ وَكَبِيرِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ} [الأحزاب: 72] .

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست