responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 142
وَالزَّوْجِيَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مُمْكِنَةٌ فِيهِ بِالْقَطْعِ، فَإِنَّهَا شَهَادَةٌ بِعَقْدٍ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْعُقُودِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي النِّكَاحِ، وَالْمَوْتِ، وَلَا تُقْبَلُ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِمَالٍ، أَشْبَهَ الدِّينَ. وَقَالَ صَاحِبَاهُ: تُقْبَلُ فِي الْوَلَاءِ، مِثْلُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَلَنَا، أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَتَعَذَّرُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا فِي الْغَالِبِ بِمُشَاهَدَتِهَا، أَوْ مُشَاهَدَةِ أَسْبَابِهَا، فَجَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا بِالِاسْتِفَاضَةِ كَالنَّسَبِ. قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عِنْدَنَا مَنْ يَشْهَدُ عَلَى أَحْبَاسِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بِالسَّمَاعِ. وَقَالَ مَالِكٌ: السَّمَاعُ فِي الْأَحْبَاسِ وَالْوَلَاءِ جَائِزٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: اشْهَدْ أَنَّ دَارَ بُخْتَانَ لِبُخْتَانَ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْك.
وَقِيلَ لَهُ: تَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَةَ امْرَأَةُ فُلَانٍ، وَلَمْ تَشْهَدْ النِّكَاحَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ مُسْتَفِيضًا، فَأَشْهَدُ أَقُولُ: إنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ خَدِيجَةَ وَعَائِشَةَ زَوْجَاهُ، وَكُلُّ أَحَدٍ يَشْهَدُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَةٍ. فَإِنْ قِيلَ: يُمْكِنُهُ الْعِلْمُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِمُشَاهَدَةِ السَّبَبِ. قُلْنَا: وُجُودُ السَّبَبِ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ بِكَوْنِهِ سَبَبًا يَقِينًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا لَيْسَ بِمِلْكِ الْبَائِعِ، وَيَصْطَادَ صَيْدًا صَادَهُ غَيْرُهُ، ثُمَّ انْفَلَتَ مِنْهُ، وَإِنْ تَصَوَّرَ ذَلِكَ، فَهُوَ نَادِرٌ وَقَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: تُمْكِنُ الشَّهَادَةُ فِي الْوَقْفِ بِاللَّفْظِ. لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ بِالْعُقُودِ هَاهُنَا، وَإِنَّمَا يُشْهَدُ بِالْوَقْفِ الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمِلِكِ، وَكَذَلِكَ يُشْهَدُ بِالزَّوْجِيَّةِ دُونَ الْعَقْدِ، وَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ وَالْوَلَاءُ، وَهَذِهِ جَمِيعُهَا لَا يُمْكِنُ الْقَطْعُ بِهَا، كَمَا لَا يُمْكِنُ الْقَطْعُ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّهَا مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى الْمِلْكِ، فَوَجَبَ أَنْ تَجُوزَ الشَّهَادَةُ فِيهَا بِالِاسْتِفَاضَةِ، كَالْمِلْكِ سَوَاءٌ.
قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عِنْدَنَا مَنْ شَهِدَ عَلَى أَحْبَاسِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا عَلَى السَّمَاعِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَكَلَامُ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ، يَقْتَضِي أَنْ لَا يَشْهَدَ بِالِاسْتِفَاضَةِ حَتَّى تَكْثُرَ بِهِ الْأَخْبَارُ، وَيَسْمَعَهُ مِنْ عَدَدٍ كَثِيرٍ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ؛ لِقَوْلِ الْخِرَقِيِّ: فِيمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ، وَاسْتَقَرَّتْ مَعْرِفَتُهُ فِي الْقَلْبِ. يَعْنِي حَصَلَ الْعِلْمُ بِهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي، فِي " الْمُجَرَّدِ " أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَسْمَعَ مِنْ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَيَسْكُنَ قَلْبُهُ إلَى خَبَرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تَثْبُتُ بِقَوْلِ اثْنَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيه لَفْظُ الِاسْتِفَاضَةِ، فَإِنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ فَيْضِ الْمَاءِ؛ لِكَثْرَتِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ اُكْتُفِيَ فِيهِ بِقَوْلِ اثْنَيْنِ، لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ.

[فَصْل الشَّهَادَة لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ الْعَقَارِ اللَّذَى يَمْلِكُ حَقَّ التَّصَرُّفِ بِمِلْكِهَا]
(8355) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ دَارٌ أَوْ عَقَارٌ، يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بِالسُّكْنَى، وَالْإِعَارَةِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْعِمَارَةِ، وَالْهَدْمِ، وَالْبِنَاءِ، مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ: يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمِلْكِهَا. وَهُوَ قَوْلُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست