responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 143
أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْإِصْطَخْرِيِّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ إلَّا بِمَا شَاهَدَهُ مِنْ الْمِلْكِ وَالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً فِي الْمِلْكِ، قَدْ تَكُونُ بِإِجَارَةِ وَإِعَارَةٍ وَغَصْبٍ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيَّ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّ الْيَدَ دَلِيلٌ الْمِلْكِ، وَاسْتِمْرَارَهَا مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ يُقَوِّيهَا، فَجَرَتْ مَجْرَى الِاسْتِفَاضَةِ، فَجَازَ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا، كَمَا لَوْ شَاهَدَ سَبَبَ الْيَدِ، مِنْ بَيْعٍ، أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِهَا عَنْ غَصْبٍ أَوْ إجَارَةٍ، يُعَارِضُهُ اسْتِمْرَارُ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ، فَلَا يَبْقَى مَانِعًا، كَمَا لَوْ شَاهَدَ سَبَبَ الْيَدِ؛ فَإِنَّ احْتِمَالَ كَوْنِ الْبَائِعِ غَيْرَ مَالِكٍ، وَالْوَارِثِ وَالْوَاهِبِ، لَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ. كَذَا هَاهُنَا. فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا بَقِيَ الِاحْتِمَالُ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ، وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ إلَّا بِمَا يَعْلَمُ. قُلْنَا: الظَّنُّ يُسَمَّى عِلْمًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10] . وَلَا سَبِيلَ إلَى الْعِلْمِ الْيَقِينِيِّ هَاهُنَا، فَجَازَتْ بِالظَّنِّ.

[فَصْل سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَصَبِيٍّ هَذَا ابْنِي فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ]
(8356) فَصْلٌ: وَإِذَا سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لَصَبِيٍّ: هَذَا ابْنِي. جَازَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِنَسَبِهِ. وَإِنْ سَمِعَ الصَّبِيَّ يَقُولُ: هَذَا أَبِي. وَالرَّجُلُ يَسْمَعُهُ، فَسَكَتَ، جَازَ أَنْ يَشْهَدَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْأَبِ إقْرَارٌ لَهُ وَالْإِقْرَارُ يُثْبِتُ النَّسَبَ، فَجَازَتْ الشَّهَادَةُ بِهِ، وَإِنَّمَا أُقِيمَ السُّكُوتُ هَاهُنَا مَقَامَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى الِانْتِسَابِ الْبَاطِلِ جَائِزٌ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى، وَلِأَنَّ النَّسَبَ يَغْلِبُ فِيهِ الْإِثْبَاتُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ فِي النِّكَاحِ.
وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَشْهَدَ مَعَ السُّكُوتِ حَتَّى يَتَكَرَّرَ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ حَقِيقِيٍّ، وَإِنَّمَا أُقِيمَ مَقَامَهُ، فَاعْتُبِرَتْ تَقْوِيَتُهُ بِالتَّكْرَارِ، كَمَا اُعْتُبِرَتْ تَقْوِيَةُ الْيَدِ فِي الْعَقَارِ بِالِاسْتِمْرَارِ.

[فَصْل شَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ فُلَانًا وَفُلَانًا]
(8357) فَصْلٌ: وَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ، وَخَلَّفَ مِنْ الْوَرَثَةِ فُلَانًا وَفُلَانًا، لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمَا، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا. وَبِهَذَا قَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْعَنْبَرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا تُقْبَلُ حَتَّى يُبَيِّنَا أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُمَا. وَلَنَا، أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ عِلْمُهُ، فَيَكْفِي فِيهِ الظَّاهِرُ، مَعَ شَهَادَةِ الْأَصْلِ بِعَدَمِ وَارِثٍ آخَرَ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: سَوَاءٌ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ، أَوْ لَمْ يَكُونَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُقْبَلَ إلَّا مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ عِلْمِهِمْ بِوَارِثٍ آخَرَ لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى عَدَمِهِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ،

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست