responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 102
وَلَنَا، أَنَّهُ شَهِدَ بِمَا لَا نَفْعَ لَهُ فِيهِ، فَقُبِلَ، كَالْأَجْنَبِيِّ. وَإِذَا كَانَ بِأُجْرَةٍ، لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ، لِكَوْنِهِ يُوجِبُ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ، وَهَذَا نَفْعٌ، فَتَكُونُ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ.
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ يُوجِبُ تَعْدِيلَهُ.
مَمْنُوعٌ، وَلَا نُسَلِّمُ لَهُمْ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْحُكْمِ.

[مَسْأَلَةٌ طَلَبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْقَاضِي الْقِسْمَةَ فَامْتَنَعَ الْآخَرُ]
(8309) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَوْ سَأَلَ أَحَدُهُمَا شَرِيكَهُ مُقَاسَمَتَهُ، فَامْتَنَعَ، أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ، إذَا أَثْبُتْ عِنْدَهُ مِلْكَهَا، وَكَانَ مِثْلُهُ يَنْقَسِمُ وَيَنْتَفِعَانِ بِهِ مَقْسُومًا أَمَّا إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ، فَامْتَنَعَ الْآخَرُ، لَمْ يَخْلُ مِنْ حَالَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْقِسْمَةِ، وَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِلْكُهُمَا بِبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْإِجْبَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ حُكْمًا عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنْهُمَا، فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِمَا يَثْبُت بِهِ الْمِلْكُ لِخَصْمِهِ، بِخِلَافِ حَالَةِ الرِّضَا؛ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَى أَحَدِهِمَا، إنَّمَا يَقْسِمُ بِقَوْلِهِمَا وَرِضَاهُمَا.
الشَّرْطُ الثَّانِي، أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا ضَرَرٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ، لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا ضَرَرَ، وَلَا ضِرَارَ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ، فِي " مُوَطَّئِهِ " مُرْسَلًا، وَفِي لَفْظٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى، أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» الشَّرْطُ الثَّالِثُ، أَنْ يُمْكِنَ تَعْدِيلُ السِّهَامِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يُجْعَلُ مَعَهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ، لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ بَيْعًا، وَالْبَيْعُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَمِثَالُ ذَلِكَ، أَرْضٌ قِيمَتُهَا مِائَةٌ، فِيهَا شَجَرَةٌ أَوْ بِئْرٌ تُسَاوِي مِائَتَيْنِ، فَإِذَا جُعِلَتْ الْأَرْضُ سَهْمًا، كَانَتْ الثُّلُثَ، فَيَحْتَاجُ أَنْ يَجْعَلَ مَعَهَا خَمْسِينَ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ الْبِئْرُ أَوْ الشَّجَرَةُ، لِيَكُونَا نِصْفَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ، فَهَذِهِ فِيهَا بَيْعٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ آخِذَ الْأَرْضِ قَدْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الشَّجَرَةِ أَوْ الْبِئْرِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ، وَالْبَيْعُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] .
فَإِذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ، أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ إزَالَةَ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَنْهُمَا، وَحُصُولَ النَّفْعِ لَهُمَا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا تَمِزْ، كَانَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِحَسَبِ اخْتِيَارِهِ، وَيَتَمَكَّنَ مِنْ إحْدَاثِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ وَالسِّقَايَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ مَعَ الِاشْتِرَاكِ، فَوَجَبَ أَنْ يُجْبَرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» .

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست