responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 103
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الضَّرَرِ الْمَانِعِ مِنْ الْقِسْمَةِ، فَفِي قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ مَا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ انْتِقَاعُ أَحَدِهِمَا بِنَصِيبِهِ مُفْرَدًا، فِيمَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ الشَّرِكَةِ، مِثْلَ أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا دَارٌ صَغِيرَةٌ، إذَا قُسِمَتْ أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعًا ضَيِّقًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ.
وَلَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ فِي شَيْءٍ غَيْرِ الدَّارِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ دَارًا، لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقِسْمَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ يَجْرِي مَجْرَى الْإِتْلَافِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّ الْمَانِعَ هُوَ أَنْ تَنْقُصَ قِيمَةُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِالْقِسْمَةِ عَنْ حَالِ الشَّرِكَةِ، سَوَاءٌ انْتَفَعُوا بِهِ مَقْسُومًا أَوْ لَمْ يَنْتَفِعُوا.
وَقَالَ الْقَاضِي: هَذَا ظَاهِرٌ كَلَامِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ، فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: إذَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَقْسِمُ وَبَعْضُهُمْ لَا يَقْسِمُ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ مِنْ ثَمَنِهِ، بِيعَ، وَأُعْطُوا الثَّمَنَ.
فَاعْتُبِرَ نُقْصَانُ الثَّمَنِ.
وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ نَقْصَ قِيمَتِهِ ضَرَرٌ، وَالضَّرَرُ مَنْفِيٌّ شَرْعًا. وَقَالَ مَالِكٌ: يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ وَإِنْ اسْتَضَرَّ، قِيَاسًا عَلَى مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ.
وَلَا يَصِحُّ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» . وَلِأَنَّ فِي قِسْمَتِهِ ضَرَرًا، فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، كَقِسْمَةِ الْجَوْهَرَةِ بِكَسْرِهَا، وَلِأَنَّ فِي قِسْمَتِهِ إضَاعَةً لِلْمَالِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَتِهِ.
وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ؛ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَرْقِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ يَسْتَضِرُّ بِالْقِسْمَةِ دُونَ الْآخِرِ؛ كَرَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا دَارٌ، لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُهَا، وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهَا، فَإِذَا قَسَمَاهَا اسْتَضَرَّ صَاحِبُ الثُّلُثِ؛ لِكَوْنِهِ لَا يَحْصُلُ لَهُ مَا يَكُونُ دَارًا، وَلَا يَسْتَضِرُّ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى لَهُ مَا يَصِيرُ دَارًا مُفْرَدَةً، فَطَلَبَ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ الْقِسْمَةَ، لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ عَلَيْهَا.
ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ.
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، قَالَ: كُلُّ قِسْمَةٍ فِيهَا ضَرَرٌ، لَا أَرَى قِسْمَتَهَا.
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي ثَوْرٍ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَيْهَا.
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ إفْرَادَ نَصِيبِهِ الَّذِي لَا يَسْتَضِرُّ بِتَمْيِيزِهِ، فَوَجَبَتْ إجَابَتُهُ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَا لَا يَسْتَضِرَّانِ بِالْقِسْمَةِ.
وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» .
وَلِأَنَّهَا قِسْمَةٌ يَسْتَضِرُّ بِهَا صَاحِبُهُ، فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ اسْتَضَرَّا مَعًا، وَلِأَنَّ فِيهِ إضَاعَةَ الْمَالِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَتِهِ، وَإِذَا حَرُمَ عَلَيْهِ إضَاعَتُهُ مَالَهُ فَإِضَاعَتُهُ مَالَ غَيْرِهِ أَوْلَى.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 10  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست