responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 84
الطَّهَارَةِ، وَهُوَ الْفَضِيلَةُ الْحَاصِلَةُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ، فَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ، كَمَا لَوْ نَوَى بِهَا مَا لَا يُبَاحُ إلَّا بِهَا؛ وَلِأَنَّهُ نَوَى طَهَارَةً شَرْعِيَّةً، فَصَحَّتْ لِلْخَبَرِ.
فَإِنْ قِيلَ: يَبْطُلُ هَذَا بِمَا لَوْ نَوَى بِطَهَارَتِهِ مَا لَا تُشْرَعُ لَهُ الطَّهَارَةُ. قُلْنَا: إنْ نَوَى طَهَارَةً شَرْعِيَّةً، مِثْلُ إنْ قَصَدَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ طَهَارَةً شَرْعِيَّةً، أَوْ قَصَدَ أَنْ لَا يَزَالَ عَلَى وُضُوءٍ، فَهُوَ كَمَسْأَلَتِنَا، وَتَصِحُّ طَهَارَتُهُ. وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ نَظَافَةَ أَعْضَائِهِ مِنْ وَسَخٍ أَوْ طِينٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَمْ تَصِحَّ طَهَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهَا، وَإِنْ نَوَى وُضُوءًا مُطْلَقًا أَوْ طَهَارَةً، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا صِحَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ وَالطَّهَارَةَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إطْلَاقُهُمَا إلَى الْمَشْرُوعِ، فَيَكُونُ نَاوِيًا لَوُضُوءٍ شَرْعِيٍّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ طَهَارَتُهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مَا يُبَاحُ بِدُونِ الطَّهَارَةِ، أَشْبَهَ قَاصِدَ الْأَكْلِ، وَالطَّهَارَةُ تَنْقَسِمُ إلَى مَا هُوَ مَشْرُوعٌ وَإِلَى غَيْرِهِ، فَلَمْ تَصِحَّ مَعَ التَّرَدُّدِ. وَإِنْ نَوَى بِطَهَارَتِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَتَبْرِيدَ أَعْضَائِهِ، صَحَّتْ طَهَارَتُهُ؛ لِأَنَّ التَّبْرِيدَ يَحْصُلُ بِدُونِ النِّيَّةِ، فَلَمْ يُؤَثِّرْ هَذَا الِاشْتِرَاكُ، كَمَا لَوْ قَصَدَ بِالصَّلَاةِ الطَّاعَةَ وَالْخَلَاصَ مِنْ خَصْمِهِ. وَإِنْ قَصَدَ الْجُنُبُ بِالْغُسْلِ اللُّبْثَ فِي الْمَسْجِدِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِذَلِكَ.

[فَصْلٌ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّهَارَةِ]
(146) فَصْلٌ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّهَارَةِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ لَهَا، فَيُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فِي جَمِيعِهَا، فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ النِّيَّةِ لَمْ يُعْتَدُّ بِهِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ غَسْلِ كَفَّيْهِ، لِتَشْمَلَ النِّيَّةُ مَسْنُونَ الطَّهَارَةِ وَمَفْرُوضَهَا. فَإِنْ غَسَلَ كَفَّيْهِ قَبْلَ النِّيَّةِ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا. وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّهَارَةِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ، كَقَوْلِنَا فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ. وَيُسْتَحَبُّ اسْتِصْحَابُ ذِكْرِ النِّيَّةِ إلَى آخِرِ طَهَارَتِهِ؛ لِتَكُونَ أَفْعَالُهُ مُقْتَرِنَةً بِالنِّيَّةِ، فَإِنْ اسْتَصْحَبَ حُكْمَهَا أَجْزَأَهُ. وَمَعْنَاهُ: أَنْ لَا يَنْوِيَ قَطْعَهَا.
وَإِنْ عَزَبَتْ عَنْ خَاطِرِهِ، وَذَهَلَ عَنْهَا، لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي قَطْعِهَا؛ لِأَنَّ مَا اُشْتُرِطَتْ لَهُ النِّيَّةُ لَا يَبْطُلُ بِعُزُوبِهَا، وَالذُّهُولِ عَنْهَا، كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ. وَإِنْ قَطَعَ نِيَّتَهُ فِي أَثْنَائِهَا مِثْلُ أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يُتِمَّ طَهَارَتَهُ، أَوْ إنْ نَوَى جَعْلَ الْغُسْلِ لِغَيْرِ الطَّهَارَةِ، لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى مِنْ طَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ صَحِيحًا، فَلَمْ يَبْطُلْ بِقَطْعِ النِّيَّةِ بَعْدَهُ، كَمَا لَوْ نَوَى قَطْعَ النِّيَّةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ، وَمَا أَتَى بِهِ مِنْ الْغُسْلِ بَعْدَ قَطْعِ النِّيَّةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ بِغَيْرِ شَرْطِهِ. فَإِنْ أَعَادَ غُسْلَهُ بِنِيَّةٍ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، صَحَّتْ طَهَارَتُهُ؛ لِوُجُودِ أَفْعَالِ الطَّهَارَةِ كُلِّهَا مَنْوِيَّةً مُتَوَالِيَةً. وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، انْبَنَى ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ، فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ وَاجِبَةٌ. بَطَلَتْ طَهَارَتُهُ؛ لِفَوَاتِهَا، وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ أَتَمَّهَا.

(147) فَصْلٌ وَإِنْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ فِي أَثْنَاءِ الطَّهَارَةِ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ شَكَّ فِي شَرْطِهَا وَهُوَ فِيهَا، فَلَمْ تَصِحَّ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست