responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 85
كَالصَّلَاةِ، إلَّا أَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا هِيَ الْقَصْدُ، وَلَا يُعْتَبَرُ مُقَارَنَتُهَا، فَمَهْمَا عَلِمَ أَنَّهُ جَاءَ لِيَتَوَضَّأَ وَأَرَادَ فِعْلَ الْوُضُوءِ مُقَارِنًا لَهُ أَوْ سَابِقًا عَلَيْهِ قَرِيبًا مِنْهُ فَقَدْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ، وَإِنْ شَكَّ فِي وُجُودِ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الطَّهَارَةِ لَمْ يَصِحَّ مَا فَعَلَهُ مِنْهَا، وَهَكَذَا إنْ شَكَّ فِي غَسْلِ عُضْوٍ أَوْ مَسْحِ رَأْسِهِ، كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَهْمًا كَالْوَسْوَاسِ، فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. وَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّهَارَةِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى شَكِّهِ؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الْعِبَادَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا، أَشْبَهَ الشَّكَّ فِي شَرْطِ الصَّلَاةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَبْطُلَ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا بَاقٍ، بِدَلِيلِ بُطْلَانِهَا بِمُبْطِلَاتِهَا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَحْكُومًا؛ بِصِحَّتِهَا قَبْلَ شَكِّهِ، فَلَا يَزُولُ ذَلِكَ بِالشَّكِّ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي وُجُودِ الْحَدَثِ الْمُبْطِلِ.

(148) فَصْلٌ وَإِذَا وَضَّأَهُ غَيْرُهُ اُعْتُبِرَتْ النِّيَّةُ مِنْ الْمُتَوَضِّئِ دُونَ الْمُوَضِّئِ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِالْوُضُوءِ، وَالْوُضُوءُ يَحْصُلُ لَهُ بِخِلَافِ الْمُوَضِّئِ، فَإِنَّهُ آلَةٌ لَا يُخَاطَبُ بِهِ، وَلَا يَحْصُلُ لَهُ فَأَشْبَهَ الْإِنَاءَ أَوْ حَامِلَ الْمَاءِ إلَيْهِ.

(149) فَصْلٌ وَإِذَا تَوَضَّأَ وَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ تَرَكَ مَسْحَ رَأْسِهِ، أَوْ وَاجِبًا فِي الطَّهَارَةِ فِي أَحَدِ الْوُضُوءَيْنِ، لَزِمَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاتَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ بُطْلَانَ أَحَدِ الصَّلَاتَيْنِ لَا بِعَيْنِهَا. وَكَذَا لَوْ تَرَكَ وَاجِبًا فِي وُضُوءِ إحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ، لَزِمَهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا، فَلَزِمَتْهُ، كَمَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً فِي يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا، وَإِنْ كَانَ الْوُضُوءُ تَجْدِيدًا لَا عَنْ حَدَثٍ، وَقُلْنَا إنَّ التَّجْدِيدَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَرْفَعُ الْحَدَثَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْأُولَى؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ الْأُولَى إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَصَلَاتُهُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ لَمْ تَبْطُلْ بِالتَّجْدِيدِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فَقَدْ ارْتَفَعَ الْحَدَثُ بِالتَّجْدِيدِ.

(150) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَغَسْلُ الْوَجْهِ، وَهُوَ مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إلَى مَا انْحَدَرَ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ وَإِلَى أُصُولِ الْأُذُنَيْنِ، وَيَتَعَاهَدُ الْمِفْصَلَ، وَهُوَ مَا بَيْنَ اللِّحْيَةِ وَالْأُذُنِ. غَسْلُ الْوَجْهِ وَاجِبٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ، أَيْ فِي غَالِبِ النَّاسِ، وَلَا يُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَفْسِهِ، بَلْ لَوْ كَانَ أَجْلَحَ يَنْحَسِرُ شَعْرُهُ عَنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، غَسَلَ إلَى حَدِّ مَنَابِتِ الشَّعْرِ فِي الْغَالِبِ، وَالْأَفْرَعُ الَّذِي يَنْزِلُ شَعْرُهُ إلَى الْوَجْهِ، يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الشَّعْرِ الَّذِي يَنْزِلُ عَنْ حَدِّ الْغَالِبِ. وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ إلَى أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ يُغْسَلَانِ مَعَهُ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ.» أَضَافَ السَّمْعَ إلَيْهِ كَمَا أَضَافَ الْبَصَرَ.
وَقَالَ مَالِكٌ مَا بَيْنَ اللِّحْيَةِ وَالْأُذُنِ لَيْسَ مِنْ الْوَجْهِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ، وَهَذَا لَا يُوَاجَهُ بِهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ هَذَا.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست