responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 446
[مَسْأَلَة لَا يَسْجُد فِي الْأَوْقَات الَّتِي لَا يَجُوز أَنْ يُصَلِّي فِيهَا تَطَوُّعًا]
(867) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا يَسْجُدُ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا تَطَوُّعًا.) قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَمَّنْ قَرَأَ سُجُودَ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ، أَيَسْجُدُ؟ قَالَ: لَا وَبِهَذَا قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَإِسْحَاقَ. وَكَرِهَ مَالِكٌ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يَسْجُدُ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَسَالِمٍ، وَالْقَاسِمِ، وَعَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ؛
وَرَخَّصَ فِيهِ أَصْحَابُ الرَّأْيِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ. وَلَنَا، عُمُومُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، قَالَ: كُنْت أَقُصُّ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَأَسْجُدُ، فَنَهَانِي ابْنُ عُمَرَ، فَلَمْ أَنْتَهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: «إنِّي صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَلَمْ يَسْجُدُوا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» . وَرَوَى الْأَثْرَمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ: أَنَّ قَاصًّا كَانَ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيَسْجُدُ، فَنَهَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَقَالَ: إنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ.

[مَسْأَلَة سُجُودَ التِّلَاوَة سُنَّةٌ مُؤَكَّدَة]
(868) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ سَجَدَ فَحَسَنٌ، وَمَنْ تَرَكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَ إمَامِنَا وَمَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: 20] {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] وَلَا يُذَمُّ إلَّا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ. وَلِأَنَّهُ سُجُودٌ يُفْعَلُ فِي الصَّلَاةِ، فَكَانَ وَاجِبًا كَسُجُودِ الصَّلَاةِ.
وَلَنَا، مَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: «قَرَأْت عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ مِنَّا أَحَدٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، وَالْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ، حَتَّى إذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ، فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا، حَتَّى إذَا جَاءَتْ السَّجْدَةُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّمَا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ. وَفِي لَفْظٍ إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْنَا السُّجُودَ إلَّا أَنْ نَشَاءَ. وَفِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، فَقَالَ: عَلَى رِسْلِكُمْ، إنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إلَّا أَنْ نَشَاءَ. فَقَرَأَهَا، وَلَمْ يَسْجُدْ، وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا
وَهَذَا بِحَضْرَةِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ، وَلَا نُقِلَ خِلَافُهُ. فَأَمَّا الْآيَةُ فَإِنَّهُ ذَمَّهُمْ لِتَرْكِ السُّجُودِ غَيْرَ مُعْتَقِدِينَ فَضْلَهُ، وَلَا مَشْرُوعِيَّتَهُ، وَقِيَاسُهُمْ يَنْتَقِضُ بِسُجُودِ السَّهْوِ، فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ وَاجِبٍ.

[فَصْلٌ يُسَنُّ السُّجُودُ لِلتَّالِيَّ وَالْمُسْتَمِعِ]
(869) فَصْلٌ: وَيُسَنُّ السُّجُودُ لِلتَّالِي وَالْمُسْتَمِعِ لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. وَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي رَوَيْنَاهَا. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 446
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست