responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 447
فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، فَيَسْجُدُ، وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى لَا يَجِدَ أَحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ» . فَأَمَّا السَّامِعُ غَيْرُ الْقَاصِدِ لِلسَّمَاعِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ، وَرَوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعِمْرَانَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: عَلَيْهِ السُّجُودُ. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَنَافِعٍ، وَإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّهُ سَامِعٌ لِلسَّجْدَةِ، فَكَانَ عَلَيْهِ السُّجُودُ كَالْمُسْتَمِعِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أُؤَكِّدُ عَلَيْهِ السُّجُودَ، وَإِنْ سَجَدَ فَحَسَنٌ
وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ مَرَّ بِقَاصٍّ، فَقَرَأَ الْقَاصُّ سَجْدَةً لِيَسْجُدَ عُثْمَانُ مَعَهُ، فَلَمْ يَسْجُدْ. وَقَالَ: إنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ اسْتَمَعَ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَعِمْرَانُ: مَا جَلَسْنَا لَهَا. وَقَالَ سَلْمَانُ: مَا عَدَوْنَا لَهَا. وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ نَعْلَمُهُ إلَّا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ: إنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا. فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَنْ سَمِعَ عَنْ قَصْدٍ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ جَمْعًا بَيْنَ أَقْوَالِهِمْ؛ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ السَّامِعِ عَلَى الْمُسْتَمِعِ، لِافْتِرَاقِهِمَا فِي الْأَجْرِ ".

[فَصْلٌ يَشْتَرِط لِسُجُودِ الْمُسْتَمِع أَنْ يَكُون التَّالِي مِمَّنْ يُصْلَح أَنْ يَكُون لَهُ إمَامًا]
(870) فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ لِسُجُودِ الْمُسْتَمِعِ أَنْ يَكُونَ التَّالِي مِمَّنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ لَهُ إمَامًا. فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً، فَلَا يَسْجُدُ السَّامِعُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ. وَمِمَّنْ قَالَ لَا يَسْجُدُ إذَا سَمِعَ الْمَرْأَةَ قَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: هِيَ إمَامُك. وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى إلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَرَأَ رَجُلٌ مِنْهُمْ سَجْدَةً، ثُمَّ نَظَرَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّكَ كُنْتَ إمَامَنَا، وَلَوْ سَجَدْتَ سَجَدْنَا» . رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، فِي " مُسْنَدِهِ "، وَالْجُوزَجَانِيُّ، فِي " الْمُتَرْجَمِ "، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ التَّالِي أُمِّيًّا لَمْ يَسْجُدْ الْمُسْتَمِعُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ مَوْجُودٌ، وَهُوَ سَبَبُ السُّجُودِ. وَلَنَا، الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْنَاهُ وَلِأَنَّهُ إمَامٌ لَهُ فَلَمْ يَسْجُدْ بِدُونِ إمَامِهِ كَمَا لَوْ كَانَا فِي صَلَاةٍ وَإِنْ قَرَأَ الْأُمِّيُّ سَجْدَةً فَعَلَى الْقَارِئِ الْمُسْتَمِعِ السُّجُودُ مَعَهُ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَيْسَتْ بِرُكْنٍ فِي السُّجُودِ فَإِنْ كَانَ التَّالِي فِي صَلَاةٍ، وَالْمُسْتَمِعُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، سَجَدَ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَمِعُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ إنْ كَانَتْ فَرْضًا، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَمِعَ، بَلْ يَشْتَغِلُ بِصَلَاتِهِ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَا يَسْجُدُ إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَسْجُدُ عِنْدَ فَرَاغِهِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّهُ، لَوْ تَرَكَ السُّجُودَ لِتِلَاوَتِهِ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَسْجُدْ إذَا فَرَغَ، فَلَأَنْ لَا يَسْجُدَ بِحُكْمِ سَمَاعِهِ أَوْلَى، وَهَكَذَا الْحَكَمُ إنْ كَانَ التَّالِي فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَالْمُسْتَمِعُ فِي الصَّلَاةِ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 447
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست