responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 271
وَلَنَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ عَلَى الْفَوْرِ؛ وَلِأَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ حِينَ وُجُودِهِ؛ وَلِأَنَّهَا يُشْتَرَطُ لَهَا نِيَّةُ الْفَرِيضَةِ، وَلَوْ لَمْ تَجِبْ لَصَحَّتْ بِدُونِ نِيَّةِ الْوَاجِبِ كَالنَّافِلَةِ، وَتُفَارِقُ النَّافِلَةَ؛ فَإِنَّهَا لَا يُشْتَرَطُ لَهَا ذَلِكَ، وَيَجُوزُ تَرْكُهَا غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى فِعْلِهَا، وَهَذِهِ إنَّمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مَعَ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهَا، كَمَا تُؤَخَّرُ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ مُزْدَلِفَةَ عَنْ وَقْتِهَا، وَكَمَا تُؤَخَّرُ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ عَنْ وَقْتِهَا إذَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِتَحْصِيلِ شَرْطِهَا.

[فَصْل يَسْتَقِرُّ وُجُوبُ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمَا وَجَبَتْ بِهِ]
(517) فَصْلٌ: وَيَسْتَقِرُّ وُجُوبُهَا بِمَا وَجَبَتْ بِهِ. فَلَوْ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ جُنَّ، أَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ، لَزِمَهُمَا الْقَضَاءُ إذَا أَمْكَنَهُمَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ: لَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِعْلُهَا فِيهِ، وَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ. وَاخْتَارَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، فَلَمْ يَجِبْ الْقَضَاءُ، كَمَا لَوْ طَرَأَ الْعُذْرُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَلَنَا أَنَّهَا صَلَاةٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ قَضَاؤُهَا إذَا فَاتَتْهُ، كَالَّتِي أَمْكَنَ أَدَاؤُهَا، وَفَارَقَتْ الَّتِي طَرَأَ الْعُذْرُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا؛ فَإِنَّهَا لَمْ تَجِبْ، وَقِيَاسُ الْوَاجِبِ عَلَى غَيْرِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ.

[مَسْأَلَة آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ]
(518) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا) يَعْنِي أَنَّ الْفَيْءَ إذَا زَادَ عَلَى مَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ قَدْرَ ظِلِّ طُولِ الشَّخْصِ، فَذَلِكَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ. قَالَ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَأَيُّ شَيْءٍ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ؟ قَالَ: أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ مِثْلَهُ. قِيلَ لَهُ: فَمَتَى يَكُونُ الظِّلُّ مِثْلَهُ؟ قَالَ: إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، فَكَانَ الظِّلُّ بَعْدَ الزَّوَالِ مِثْلَهُ، فَهُوَ ذَاكَ. وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يَضْبِطَ مَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ يَنْظُرَ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ قَدْرَ الشَّخْصِ، فَقَدْ انْتَهَى وَقْتُ الظُّهْرِ؛ وَمِثْلُ شَخْصِ الْإِنْسَانِ سِتَّةُ أَقْدَامٍ وَنِصْفٍ بِقَدَمِهِ، أَوْ يَزِيدُ قَلِيلًا، فَإِذَا أَرَدْت اعْتِبَارَ الزِّيَادَةِ بِقَدَمِك مَسَحْتَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الزَّوَالِ، ثُمَّ أَسْقَطْت مِنْهُ الْقَدْرَ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، فَإِذَا بَلَغَ الْبَاقِي سِتَّةَ أَقْدَامٍ وَنِصْفٍ فَقَدْ بَلَغَ الْمِثْلَ، فَهُوَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ، وَأُوَلُ وَقْتِ الْعَصْرِ.
وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَنَحْوَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا تَفْرِيطَ لِلظُّهْرِ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّمْسَ صُفْرَةٌ. وَقَالَ طَاوُسٌ: وَقْتُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إلَى اللَّيْلِ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ: وَقْتُ الِاخْتِيَارِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، وَوَقْتُ الْأَدَاءِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَدْرُ مَا يُؤَدَّى فِيهِ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الْحَضَرِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَقْتُ الظُّهْرِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 271
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست