responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 272
قَالَ «إنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غَدْوَةٍ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتْ الْيَهُودُ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتْ النَّصَارَى، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ. فَغَضِبَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَقَالُوا: مَا لَنَا أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً؟ قَالَ: هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا: لَا؟ قَالَ فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ الظُّهْرِ إلَى الْعَصْرِ أَكْثَرُ مِنْ الْعَصْرِ إلَى الْمَغْرِبِ.
وَلَنَا «أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَلَّى بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ» وَحَدِيثُ مَالِكٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْعُذْرِ بِمَطَرٍ أَوْ مَرَضٍ، وَمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ. وَفِعْلُهَا يَكُونُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَتَكَامُلِ الشُّرُوطِ، عَلَى أَنَّ أَحَادِيثَنَا قُصِدَ بِهَا بَيَانُ الْوَقْتِ، وَخَبَرُهُمْ قُصِدَ بِهِ ضَرْبُ الْمَثَلِ، فَالْأَخْذُ بِأَحَادِيثِنَا أَوْلَى. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ هَذَا الْآثَارَ وَالنَّاسَ، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ.

[مَسْأَلَة وَقْت الْعَصْرِ]
(519) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا زَادَ شَيْئًا وَجَبَتْ الْعَصْرُ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ مِنْ حِينِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِثْلِ أَدْنَى زِيَادَةٍ مُتَّصِلٌ بِوَقْتِ الظُّهْرِ، لَا فَصْلَ بَيْنَهُمَا، وَغَيْرُ الْخِرَقِيِّ قَالَ: إذَا صَارَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ فَهُوَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ. وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَالَ الْخِرَقِيِّ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا زَادَ عَلَى الْمِثْلَيْنِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَدِيثِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ لَكَانَ وَسَطَ النَّهَارِ. وَحُكِيَ عَنْ رَبِيعَةَ: أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ يَشْتَرِكَانِ فِي قَدْرِ الصَّلَاةِ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ يُصَلِّيَانِ مَعًا، أَحَدُهُمَا يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْآخَرُ الْعَصْرَ، حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُصَلِّيًا لَهَا فِي وَقْتِهَا. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «صَلَّى بِي الظُّهْرَ لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ» .
وَلَنَا مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وقَوْله تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] . لَا يَنْفِي مَا قُلْنَا؛ فَإِنَّ الطَّرَفَ مَا تَرَاخَى عَنْ الْوَسَطِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ» أَرَادَ مُقَارَنَةَ الْوَقْتِ، يَعْنِي أَنَّ ابْتِدَاءَ صَلَاتِهِ الْيَوْمَ الْعَصْرَ مُتَّصِلٌ بِوَقْتِ انْتِهَاءِ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، أَوْ مُقَارِبٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ بَيَانَ الْمَوَاقِيتِ، وَإِنَّمَا تَبَيَّنَ أَوَّلُ الْوَقْتِ بِابْتِدَاءِ فِعْلِ الصَّلَاةِ، وَتَبَيَّنَ آخِرُهُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا، وَقَدْ بَيَّنَهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست