responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 23
وَفَائِدَةُ هَذَا، أَنَّ مَنْ اعْتَبَرَ التَّحْدِيدَ، فَنَقَصَ عَنْ الْحَدِّ شَيْئًا يَسِيرًا، لَمْ يُعْفَ عَنْهُ، وَنَجِسَ بِوُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ، وَمَنْ قَالَ بِالتَّقْرِيبِ عُفِيَ عَنْ النَّقْصِ الْيَسِيرِ عِنْدَهُ، وَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِمَا يُقَارِبُ الْقُلَّتَيْنِ، إنْ شَكَّ فِي بُلُوغِ الْمَاءِ قَدْرًا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ أَوْ لَا يَدْفَعُهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ طَاهِرًا قَبْلَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، وَشَكَّ هَلْ يَنْجُسُ بِهِ أَوْ لَا؟ فَلَا يَزُولُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ.
وَالثَّانِي يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ قِلَّةُ الْمَاءِ، فَنَبْنِي عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ النَّجَاسَةُ.

[فَصْلُ غَيْرِ الْمَاءِ مِنْ الْمَائِعَاتِ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ]
(22) فَصْلٌ: فَأَمَّا غَيْرُ الْمَاءِ مِنْ الْمَائِعَاتِ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: إحْدَاهُنَّ، أَنَّهُ يَنْجُسُ بِالنَّجَاسَةِ وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، قَالَ: إنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. فِي " مُسْنَدِهِ، إسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ " الصَّحِيحَيْنِ "، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ كَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ، وَلِأَنَّهَا لَا قُوَّةَ لَهَا عَلَى دَفْعِ النَّجَاسَةِ، فَإِنَّهَا لَا تُطَهِّرُ غَيْرَهَا، فَلَا تَدْفَعُهَا عَنْ نَفْسِهَا كَالْيَسِيرِ.
وَالثَّانِيَةُ أَنَّهَا كَالْمَاءِ، لَا يَنْجُسُ مِنْهَا مَا بَلَغَ الْقُلَّتَيْنِ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ. قَالَ حَرْبٌ: سَأَلْت أَحْمَدَ، قُلْت: كَلْبٌ وَلَغَ فِي سَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ؟ قَالَ: إذَا كَانَ فِي آنِيَةٍ كَبِيرَةٍ مِثْلِ جُبٍّ أَوْ نَحْوِهِ، رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَيُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ فِي آنِيَةٍ صَغِيرَةٍ فَلَا يُعْجِبُنِي وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ، فَلَمْ يَنْجُسْ بِالنَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ كَالْمَاءِ.
وَالثَّالِثَةُ مَا أَصْلُهُ الْمَاءُ، كَالْخَلِّ التَّمْرِيِّ، يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْمَاءُ، وَمَا لَا فَلَا وَالْأُولَى أَوْلَى.

[فَصْلُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]
(23) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ، وَمَا كَانَ طَاهِرًا غَيْرَ مُطَهِّرٍ مِنْ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ إذَا كَثُرَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا.» وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنْجُسَ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ مُطَهِّرٍ، فَأَشْبَهَ الْخَلَّ.

[فَصْلٌ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا فَوَقَعَ فِي جَانِبٍ مِنْهُ نَجَاسَةٌ]
(24) فَصْلٌ: إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا، فَوَقَعَ فِي جَانِبٍ مِنْهُ نَجَاسَةٌ، فَتَغَيَّرَ بِهَا، نَظَرْت فِيمَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَإِنْ نَقَصَ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ فَالْجَمِيعُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَغَيِّرَ نَجِسٌ بِالتَّغَيُّرِ، وَالْبَاقِيَ تَنَجَّسَ بِمُلَاقَاتِهِ، وَإِنْ زَادَ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ فَهُوَ طَاهِرٌ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَكُونُ نَجِسًا أَيْضًا، وَإِنْ كَثُرَ وَتَبَاعَدَتْ أَقْطَارُهُ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ رَاكِدٌ بَعْضُهُ

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست